اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

أسلحة مضادة للمُسيّرات في وداع بابا الفاتيكان.. قراءة في أضخم عملية أمنية شهدها الفاتيكان

جنازة بابا الفاتيكان
جنازة بابا الفاتيكان

شهدت العاصمة الإيطالية روما، وتحديدًا الفاتيكان، واحدة من أضخم العمليات الأمنية في تاريخه الحديث، خلال مراسم تشييع البابا فرنسيس. وفي مشهد نادر الحدوث، استنفرت السلطات الإيطالية جميع أجهزتها الأمنية، معلنة حالة تأهب قصوى تخطت مثيلاتها في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني قبل أكثر من عقدين.

اتخذت التدابير الأمنية طابعًا شاملاً، حيث أُغلِق المجال الجوي فوق المدينة، وانتشرت القوات الخاصة بكثافة حول الفاتيكان، بدعم من بطاريات صواريخ مضادة للطائرات، وزوارق بحرية دورية، وعناصر المشاة المزودين بتقنيات متطورة لرصد أي تهديدات جوية أو برية.

غير أن ما أثار ضجة كبرى عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي، كان الظهور العلني لأسلحة «غير مألوفة» بيد عناصر الجيش الإيطالي، تحديدًا أجهزة ضخمة مضادة للطائرات المُسيّرة. تداول ناشطون مقاطع مصورة وصورًا لجندي يحمل سلاحًا أسود اللون، ضخم الحجم، مع لوحة بيضاء أمامية، ما أثار فضول وتساؤلات الملايين، وفتح باب التكهنات حول طبيعة التهديدات المحتملة.

وبحسب تصريحات جندي إيطالي لصحيفة «تلغراف» البريطانية، فإن هذا السلاح هو جهاز متخصص في تشويش ترددات الاتصال بين الطائرات المسيّرة ومشغليها، مما يؤدي إما إلى إجبار المسيّرة على الهبوط الاضطراري أو تدميرها. يزن السلاح ما بين 7 إلى 8 كيلوغرامات، وقد خضع الجنود لتدريبات خاصة عليه منذ سنوات، رغم أنهم لم يضطروا لاستخدامه فعليًا حتى الآن.

انتشار القناصة

ترافقت هذه الإجراءات مع فرض منطقة حظر جوي واسعة النطاق فوق الفاتيكان، وانتشار وحدات القناصة فوق الأسطح، وتحليق طائرات مروحية، ووجود فرق مختصة بتفكيك المتفجرات، ووحدات كلاب بوليسية مدربة، في مشهد عسكري وأمني بالغ التشدد.

رئيس الشرطة العسكرية الإيطالية (الكارابينييري)، سيرياكو سارنيللي، وصف هذه الخطة الأمنية بأنها «استثنائية بكل المقاييس»، مشيرًا إلى أن قواته لم تقتصر مهمتها على التصدي للجرائم التقليدية، بل كانت مستعدة أيضًا لمواجهة السيناريوهات «الأكثر رعبًا»، وفق تعبيره.

في السياق ذاته، أوضحت المتحدثة باسم غرفة عمليات شرطة روما، إليزابيتا أكاردو، أن البلاد لم تشهد منذ قرون استعدادًا أمنيًا بهذا الحجم، في إشارة إلى الأهمية الرمزية والسياسية التي اكتسبتها مراسم التشييع، مع الحضور الرفيع لرؤساء دول وملوك وأمراء من مختلف أنحاء العالم.

وقد شارك في وداع البابا فرنسيس عدد كبير من الشخصيات الدولية، أبرزهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، ورؤساء دول عدة مثل فرنسا، ألمانيا، أوكرانيا، والفلبين، إضافة إلى عدد من أفراد العائلات المالكة الأوروبية والعربية، ما عزز الحاجة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية لدرجة غير مسبوقة.

إجراءات أمنية مشددة

كما تعكس هذه الإجراءات الأمنية المشددة تحوّلاً واضحًا في كيفية تعامل الدول مع التهديدات الجديدة، خصوصًا مع بروز الطائرات المسيرة كأحد أخطر أدوات الاغتيال أو التخريب. ورغم الطابع الديني للمناسبة، فإن الحسابات الأمنية كانت دقيقة ومحسوبة، تأخذ في اعتبارها كل السيناريوهات الممكنة، في ظل عالم مضطرب تتداخل فيه الرمزية الدينية مع المعطيات الجيوسياسية والأمنية.

موضوعات متعلقة