انفجار ميناء بندر عباس.. بين الرواية الإيرانية والاتهامات الخفية

في تطور جديد للأزمة التي شهدها ميناء شهيد رجائي في بندر عباس، أعلنت السلطات الإيرانية، الأحد، السماح لأول سفينة بالدخول إلى الميناء بعد أيام من الانفجار الضخم الذي خلف مئات الضحايا والمصابين. وعلى الرغم من حجم الكارثة، نفت طهران وجود أية صلة عسكرية بالحادثة، وسط تساؤلات متزايدة عن احتمالية وجود تدخل إسرائيلي.
المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني شدد، عبر وكالة "تسنيم"، على أن التحقيقات الأولية لم تظهر وجود أي نشاط عسكري في المنطقة المنكوبة. وكرر متحدث وزارة الدفاع العميد رضا طلائي نيك التصريحات ذاتها، مؤكدًا عبر التلفزيون الرسمي أن "التحقيقات والوثائق" تثبت خلو الميناء من أي شحنات ذات طابع عسكري، سواء كانت مصدرة أو مستوردة.
غير أن الرواية الرسمية الإيرانية جاءت في وقت تصاعدت فيه الشكوك الدولية، خصوصاً بعد تقارير أمنية أجنبية أشارت إلى احتمالية تورط شحنة كيميائية حساسة في الحادث. فقد نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن شركة "أمبري" البريطانية، المختصة بإدارة المخاطر البحرية، أن الانفجار قد يكون مرتبطًا بوصول شحنة من بيركلورات الصوديوم — وهي مادة تدخل في تصنيع وقود الصواريخ الباليستية — إلى الميناء من الصين في مارس الماضي.
خسائر بشرية ومادية واسعة
رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني أعلن عن سقوط 28 قتيلًا مؤكدين حتى الآن، مع وجود 20 مصاباً في غرف العناية المركزة، وأكثر من 190 آخرين يتلقون العلاج بالمستشفيات. إضافة إلى ذلك، أفادت وكالة "مهر" بإصابة أكثر من ألف شخص، مما يجعل هذا الانفجار من أكثر الحوادث دموية في البنية التحتية الإيرانية خلال السنوات الأخيرة.
رغم إخماد البقعة الرئيسية للحريق — كما صرح متحدث باسم جهاز الإطفاء بطهران — إلا أن جهود السيطرة على بقع النيران الصغيرة استمرت لساعات لاحقة.
استئناف العمل تدريجيًا وسط إجراءات مشددة
في سياق متصل، أعلنت الجمارك الإيرانية استئناف العمليات الجمركية بميناء شهيد رجائي. فقد سمحت السلطات، صباح الأحد، بدخول أول سفينة إلى الميناء بعد الحادث، بينما تم التنسيق بين الجهات الأمنية والجمارك لضمان استئناف تفريغ وتحميل البضائع بشكل آمن.
وأكدت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عقد اجتماع خاص بين فرق الدعم الفني ومسؤولي الجمارك لتقييم الأضرار، مع صدور أوامر بالبدء في إجراءات النقل والتصدير للواردات والصادرات الأساسية. ورغم حجم الأضرار، بدا أن الحكومة الإيرانية تسعى إلى استعادة نشاط الميناء بشكل عاجل للحفاظ على سير الحركة الاقتصادية في المنطقة الجنوبية الحساسة.
البعد الأمني.. صراع خفي أم حادث عرضي؟
خلال السنوات الأخيرة، تعرضت البنية التحتية الصناعية والطاقة في إيران لسلسلة حوادث وانفجارات، غالبًا ما نسبت إلى الإهمال وسوء إدارة المنشآت، إلا أن طهران لم تتردد أحيانًا في توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، متهمة إياها بشن هجمات ضمن حرب الظل الجارية بين البلدين.
حادث بندر عباس الأخير، ورغم النفي الرسمي لوجود أي شحنات عسكرية، أعاد إلى الأذهان عمليات سابقة استهدفت منشآت نووية وصناعية إيرانية، ما يغذي الشكوك بأن هذا الانفجار قد لا يكون مجرد حادث عرضي بل جزءًا من صراع إقليمي معقد.
في ظل تضارب الروايات وتزايد التوترات الإقليمية، يبقى السؤال مفتوحاً: هل كان انفجار ميناء بندر عباس نتيجة إهمال داخلي جديد، أم أنه فصل آخر في حرب الظل بين طهران وتل أبيب؟.