اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

باهالغام.. اتهامات متبادلة وتصعيد خطير بين باكستان والهند حول كشمير والمياه

حادث كشمير
حادث كشمير

تتصاعد حدة التوترات التقليدية بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان، في أعقاب الهجوم الإرهابي الدموي الذي وقع في منطقة باهالغام بإقليم كشمير، وأسفر عن مقتل 26 شخصاً. وفي حين سارعت الهند إلى اتهام باكستان بالمسؤولية عن الهجوم دون انتظار تحقيق مستقل، ردت إسلام آباد برفض قاطع لهذه الاتهامات، مجددة موقفها الداعي إلى نبذ الإرهاب بجميع أشكاله.

رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، وفي كلمة ألقاها خلال حفل تخرج طلاب الأكاديمية العسكرية الباكستانية، أعرب عن استعداد بلاده الكامل للمشاركة في أي تحقيق محايد وشفاف حول الحادثة. وأكد أن باكستان، كدولة مسؤولة، لا تتوانى عن التعاون مع المجتمع الدولي لكشف ملابسات الهجوم، مشدداً في الوقت ذاته على رفضها لـ"لعبة اللوم الدائمة" التي تمارسها الهند عند كل أزمة.

وفي إشارة نقدية إلى السلوك الهندي، أوضح شهباز شريف أن جارتهم الشرقية استمرت في اتباع نهج الاستغلال السياسي للأحداث الأمنية، عبر توجيه اتهامات غير مدعومة بأدلة موثوقة أو بتحقيقات موضوعية، مما يهدد بتأجيج التوترات في الإقليم الهش أصلاً.

لكن الأزمة لم تقتصر على الجانب الأمني فحسب؛ إذ دخلت معاهدة مياه نهر السند التاريخية - التي تنظم تقاسم الأنهار المشتركة بين البلدين منذ العام 1960 - على خط التصعيد. فقد أعلنت الهند تعليق العمل بالمعاهدة، وهو قرار خطير بالنظر إلى أن مياه السند تمثل شريان حياة لـ240 مليون باكستاني.

شهباز شريف اعتبر الخطوة الهندية تهديداً مباشراً للأمن المائي لبلاده، محذراً بأن باكستان سترد بـ"كل قوة وجبروت" على أي محاولة لقطع أو تقليص أو تحويل تدفق المياه المستحقة لها بموجب المعاهدة الدولية.

على الجانب الآخر، ردت الهند بإجراءات ميدانية، إذ قامت السلطات بهدم منازل ثلاثة إرهابيين مزعومين في مناطق بانديبورا وبولوواما وشوبيان بكشمير، في إطار حملة أمنية مشددة أعقبت الهجوم. ورغم أن هذه التحركات قد تهدف إلى تهدئة الرأي العام الهندي، إلا أنها تؤشر إلى تصعيد داخلي قد يزيد الوضع تعقيداً ويؤجج معاناة السكان المدنيين في الإقليم المتنازع عليه.

الهجوم في باهالغام جاء ليعيد شبح الأزمات الكبرى التي لطالما خيمت على العلاقات الهندية-الباكستانية، والتي شهدت عبر العقود حروباً وصدامات دامية، مع بقاء كشمير دائماً بؤرة التوتر الرئيسية.


وفي ظل تبادل الاتهامات، وتعليق الاتفاقيات الحيوية، تبقى احتمالات الانفجار الإقليمي قائمة ما لم تتدخل قنوات دبلوماسية دولية فعالة لاحتواء الأزمة.

تفاصيل الأزمة بين باكستان والهند بعد هجوم باهالغام

1. الهجوم الإرهابي في باهالغام:

يوم الثلاثاء، وقع هجوم مسلح كبير في منطقة باهالغام بالشطر الهندي من إقليم كشمير، أدى إلى مقتل 26 شخصًا.
تتهم السلطات الهندية جماعات مسلحة مقرها باكستان بتنفيذ الهجوم.
مباشرة بعد الحادثة، وجهت الهند اتهامات صريحة إلى باكستان دون تقديم أدلة أو انتظار تحقيق دولي أو محايد.

2. رد باكستان:

رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف أصدر بيانًا قويًا يؤكد فيه:

إدانة باكستان المطلقة للإرهاب بجميع أشكاله وصوره.
استعداد بلاده الكامل للمشاركة في تحقيق محايد وشفاف وموثوق للكشف عن ملابسات الهجوم.
انتقاد "نمط الهند الدائم" في استغلال الأحداث الأمنية لتوجيه اتهامات سياسية إلى باكستان.
وصف الاتهامات بأنها بلا تحقيق جاد أو أدلة قابلة للتحقق.

3. التصعيد الهندي:

رداً على الهجوم، اتخذت الهند عدة خطوات تصعيدية:

خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع باكستان.
تعليق معاهدة مياه نهر السند (معاهدة حيوية لتقاسم مياه الأنهار بين الدولتين منذ 1960).
إطلاق حملة أمنية مشددة في كشمير، شملت:

هدم منازل ثلاثة أشخاص اتهموا بالانتماء لجماعات إرهابية، في مناطق بانديبورا وبولوواما وشوبيان.
تكثيف العمليات الأمنية والعسكرية في الشطر الهندي من كشمير.

4. معاهدة مياه السند

هذه المعاهدة التي توسط فيها البنك الدولي عام 1960 تعتبر من أنجح الاتفاقيات الدولية بشأن توزيع المياه.
بموجبها، تحصل باكستان على مياه أنهار: السند وجيلوم وتشيناب، بينما تتحكم الهند في مياه: بياس ورافي وستليج.
إعلان الهند تعليق العمل بالمعاهدة يعتبر سابقة خطيرة تهدد الأمن المائي لباكستان، التي تعتمد على هذه المياه لزراعة ملايين الهكتارات، وتأمين مياه الشرب لمواطنيها.

5. الخطاب السياسي والوطني الباكستاني

شهباز شريف أكد أن المياه تمثل مصلحة وطنية لا مساومة عليها، مشيراً إلى:

أن باكستان ستدافع عن حقوقها المائية بكل الوسائل.
أن أي محاولة لعرقلة تدفق المياه ستُقابل برد قوي وحازم.
استخدم لغة تحذيرية واضحة لردع الهند ومنعها من اتخاذ خطوات مائية أحادية الجانب.

6. المخاطر الإقليمي

هذه الأزمة المتصاعدة تهدد:

باندلاع مواجهة دبلوماسية وأمنية حادة بين القوتين النوويتين.
بزيادة التوتر في كشمير الذي يعيش حالة غليان دائم.
بتدهور أوضاع السكان المدنيين سواء في كشمير أو في باكستان نتيجة أزمة المياه المحتملة.
المجتمع الدولي، خاصة الأمم المتحدة والقوى الكبرى، أمام اختبار حقيقي لاحتواء الموقف ومنع انزلاقه إلى نزاع مفتوح.


الأزمة الحالية ليست فقط نتيجة هجوم باهالغام، بل تعبير عن تركيبة أعمق من انعدام الثقة والعداء المزمن بين الهند وباكستان.
التعامل مع الأزمة يتطلب آلية دولية محايدة للتحقيق ومفاوضات جادة لإعادة تفعيل الاتفاقيات المعطلة وحماية الاستقرار في جنوب آسيا.

موضوعات متعلقة