بئر عجيب و4 قصور.. قلعة صلاح الدين حصن القاهرة المنيع وصاحبة الهندسة العبقرية
واحدة من أفخم القلاع الحربية التي شُيدت في العصور الوسطي، ومن أهم معالم القاهرة الإسلامية.
فامتازت قلعة صلاح الدين الأيوبي، بتوفيرها الحماية ضد الحصار مع الأسوار المنيعة حول عواصم مصر الإسلامية، وأتاح موقعها الاستراتيجي أعلى جبل المقطم إطلالة رائعة على جميع معالم القاهرة التاريخية.
تاريخ بناء القلعة
وبدأ صلاح الدين الأيوبي في تشييد هذه القلعة فوق جبل المقطم (572-579هـ /1171- 1193م) في موضع كان يعرف بقبة الهواء، ولكنه لم يتمها في حياته، وأتمها السلطان الكامل بن العادل (604هـ/ 1207م)، فكان أول من سكنها واتخذها دارًا للملك، وظلت مقرًا لحكم مصر حتى عهد الخديوي إسماعيل، الذي نقل مقر الحكم إلى قصر عابدين، بمنطقة القاهرة الخديوية فى منتصف القرن التاسع عشر.
محتويات القلعة من الداخل
تزخر القلعة بالعديد من الآثار التي ترجع إلى عصور إسلامية مختلفة حولتها من مجرد قلعة حصينة كانت تستخدم في الدفاع عن المدينة في حالة أي هجوم إلى مدينة كاملة احتوت على مساجد، أسبلة، قصور، دواوين، مصانع حربية، مشغل لكسوة الكعبة المشرفة، مدارس حربية ومدنية، وغيرها من المنشآت التي ميزت قلعة صلاح الدين الأيوبي عن غيرها من القلاع التي بنيت في العصور الوسطي في العالم.
بئر يوسف أو بئر الدوامة
داخل القلعة نفسها، حفر صلاح الدين الأيوبي بئرا عميقا، يبلغ عمقه 85 مترا، عرف باسم "بئر يوسف"، وأبرع ما يقف المرء أمامه مندهشًا مبهورًا هو ذلك الإعجاز الهندسي بالقلعة، ألا وهو بئر يوسف، وهو أحد الآثار الباقية من العصر الأيوبي، وهو بئر عجيب في هندسته نادر في عمارته، يبلغ عمقه 90 مترًا ، منها 85 مترًا حفرت في الصخر، يتكون البئر من مقطعين، ليسا على استقامة واحدة إلا أنهما يتساويان في العمق تقريبًا، من أجل ذلك سمي هذا الأثر "بئرين" في كتابات بعض المؤرخين، تبلغ مساحة مقطع البئر السفلية 2.3 متر مربع، في حين تبلغ مساحة مقطع البئر العلوية خمسة أمتار مربعة، وذلك للحاجة إلى تأمين ممر إلى البئر السفلية، يسمح بنزول الثيران اللازمة لإدارة الساقية المثبتة على البئر السفلية، وذلك لجلب الماء من عمقها إلى مستوى البئر العلوية، ويقوم زوج آخر من الثيران بإدارة ساقية ثانية مثبتة على البئر العلوية لرفع الماء من منسوب الساقية الأولى إلى سطح الأرض.
قصور القلعة
تضم قلعة صلاح الدين الأيوبي أربعة قصور، قصرين منها بنيا في عهد محمد علي باشا، وهما قصر الجوهرة الذي أنشئ سنة 1814، وقصر الحرم الذي أنشئ سنة 1826، وقصراً يرجع إلى القرن الرابع عشر، وهو قصر الأبلق الذي بناه السلطان الناصر محمد بن قلاوون سنة 1314، وهو يقع على الجانب الغربي لمنحدر جبل القلعة، بالإضافة إلى قصر سراي العدل.
مساجد القلعة
للقلعة ثلاثة مساجد رئيسية، أقدمها مسجد ناصر محمد، الذي بني سنة 1318 في أوائل العصر المملوكي البحري، عُرف هذا المسجد بالمسجد المملوكي للقلعة، حيث كان يؤدي فيه سلاطين القاهرة صلاة الجمعة، ومسجد سليمان باشا الذي بني سنة 1528 على أطلال مسجد قديم في أبو منصور كوستا، بالإضافة إلى مسجد محمد علي باشا، وهو المسجد الذي دُفن فيه محمد علي، وإن كانت جثته قد انتقلت إلى حوش الباشا عام 1857.
متاحف القلعة
تحتوي قلعة صلاح الدين الأيوبي على 3 متاحف، متحف قصر الجوهرة، الذي يوجد به ثريا تزن 1000 كيلوجرام، أهداها ملك فرنسا "لويس فيليب الأول" لمحمد علي باشا، أيضا يوجد عرش محمد علي، الذي أهداه له ملك إيطاليا، أما متحف النقل، الذي افتتح عام 1983، فيضم مجموعة من السيارات الملكية الفريدة، التي ترجع إلى فترات تاريخية مختلفة، من عهد الخديوي إسماعيل حتى عهد الملك فاروق، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من التحف الفريدة، أيضا يوجد المتحف العسكري، وهو المتحف الرسمي للجيش المصري، وتأسس عام 1937، تم نقله من موقعه الأول بالمبنى القديم لوزارة الحربية في وسط القاهرة، إلي موقع مؤقت في حي جاردن سيتي، وفي نوفمبر 1949 نُقل إلى قصر الحرم في القلعة.
أبواب القلعة
تزخر قلعة صلاح الدين الأيوبي بالعديد من الأسوار والأبراج والأبواب، حيث إن أول ما يلفت النظر إلى القلعة هو ارتفاعها الشاهق، وأسوارها الحصينة الشامخة والصامدة على مر السنين والعصور، ولقلعة صلاح الدين أو قلعة الجبل أربعة أبواب هي:
باب المقطم
عُرف الباب القديم باسم باب المقطم لمجاورته لبرج المقطم الذي يرجع تاريخه إلى العصر العثماني، كما عُرف هذا الباب باسم باب الجبل، لإشرافه على باب جبل المقطم، أما حالياً فإنه يعرف باسم بوابة صلاح سالم، وقد تم سد هذا الباب في فترة من الفترات، وكان عبارة عن فتحة مستطيلة في حائط سميك جدا في إتجاه الجنوب من برج المقطم، وكان على هذا الباب لوحة تذكارية تحمل نصاً تأسيسياً باللغة التركية باسم يكن باشا وتاريخ بناء الباب والقصر يعود إلى عام 1785 ميلادية، عندما تولى محمد علي باشا الحكم، قام بعمل تجديداته بالقلعة، في البداية قام بتمهيد طريق يصل بين باب الجبل إلى قلعته بالمقطم، وأضاف الزلاقة الصاعدة إلى أعلى جبل المقطم، وكان طول هذا الطريق حوالي 650 متراً، وبمرور الزمن ضاعت معالمه، كما تم هدم جزءا كبيرا من السور والشرفات التي كانت تعلوه، وتم أيضاً هدم جزءا كبيرا من السلالم التي كانت تصل إلى أعلى السور الشمالي وبرج المقطم عند شق طريق صلاح سالم سنة 1955، ومؤخراً قام المجلس الأعلى للآثار بإعادة فتح هذا الباب ليتناسب مع مكانته التاريخية والحضارية.
أبراج القلعة
يحتوي سور قلعة صلاح الدين الأيوبي على 13 برجا يكفلون حماية دائمة لجنود القلعة وسكانها، وهم: أبراج المقطم، الصفة، العلوة، كركيلان، الطرفة، المطار، المبلط، المقوصر، الأمام المعروف ببرج القرافة، الرملة، الحداد، الصحراء، المربع.
وتنقسم القلعة إلى ساحتين بواسطة سورين مختلفين احدهما شمالي وهو الذي يسميه المؤرخون قلعة صلاح الدين الأيوبي، أو قلعة الجبل، ويتكون من مساحة ذات مسقط أفقي مستطيل غير منتظم الشكل بطول 650 مترا وعرض 317 متراً، أما السور الجنوبي، فيطلق عليه اسم القلعة ويتكون أيضا من مساحة ذات مسقط أفقي مستطيل بطول 510 امتار وعرض 270 مترا.