اتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب باستخدام الفسفور الأبيض في لبنان
أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الأربعاء، أن إسرائيل استخدمت الفسفور الأبيض في قصف 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان منذ أكتوبر 2023، مما يعرض المدنيين لخطر جسيم ويؤدي إلى تهجيرهم.
منذ اندلاع حرب إسرائيل على غزة في 7 أكتوبر، تبادلت إسرائيل وحزب الله القصف بشكل شبه يومي، حيث اتهمت السلطات اللبنانية إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض، مما تسبب بأضرار للبيئة والمدنيين.
ووفقاً لتقرير المنظمة، فإن استخدام الفسفور الأبيض من قبل إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان يعرض المدنيين لخطر كبير ويساهم في تهجيرهم.
وأكدت المنظمة أن القوات الإسرائيلية استخدمت ذخائر الفسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان منذ أكتوبر 2023، مع استخدام الذخائر المتفجرة جواً بشكل غير قانوني في خمس منها فوق مناطق سكنية مأهولة.
وأظهرت صور التُقطت في عشر مناسبات منفصلة بين أكتوبر وأبريل أعمدة دخان غريبة تشبه الأخطبوط، تتماشى مع استخدام الفسفور الأبيض. التقطت الصور في ثمانية مواقع مختلفة على طول الحدود، في مواقع قريبة من المنازل، حيث يستخدم الفسفور الأبيض لتشكيل ستائر دخانية وإضاءة أرض المعركة.
وفي أكتوبر، ذكر الجيش الإسرائيلي أن إجراءاته تمنع استخدام قذائف الفسفور الأبيض في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، مع استثناءات معينة، مؤكداً أن هذا يتوافق مع متطلبات القانون الدولي.
من جهتها، سجلت وزارة الصحة اللبنانية 173 إصابة بتعرض كيميائي ناتج عن الفسفور الأبيض، دون تحديد ما إذا كانوا مدنيين أو مقاتلين.
جريمة حرب
أفاد أطباء من ثلاثة مستشفيات إضافية في جنوب لبنان بمعالجة مصابين بأعراض تنفسية ناجمة عن التعرض للفسفور الأبيض. وذكرت "الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام" في يناير أن قذائف فسفورية سقطت بين المنازل في ساحة بلدة حولا.
وفي وقت سابق من عام 2023، قالت "العفو الدولية" إن الجيش الإسرائيلي أطلق قذائف مدفعية تحتوي على الفسفور الأبيض خلال قصف على طول حدود لبنان الجنوبية بين 10 و16 أكتوبر، ودعت المنظمة إلى التحقيق في هجوم على بلدة الضهيرة في 16 أكتوبر باعتباره جريمة حرب، لأنه لم يميّز بين المدنيين والعسكريين، مما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن تسعة مدنيين.
وأكد براين كاستنر، محقق الأسلحة في فريق الأزمات التابع لمنظمة "العفو الدولية"، أن استخدام الفسفور الأبيض في المناطق المأهولة يمكن أن يُصنف كهجمات عشوائية، وهو انتهاك للقانون الإنساني الدولي. وأضاف: "إذا أصيب أو قُتل مدنيون، قد يشكّل ذلك جريمة حرب". ورصد عناصر من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الفسفور الأبيض داخل مقراتهم.
مخاوف بيئية
أثار استخدام الفسفور الأبيض القلق بين المزارعين في جنوب لبنان الذين شاهدوا أراضيهم تحترق، ويخشون من تلوث في التربة والمحاصيل. وأشارت تمارا الزين، الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، إلى نقص المعلومات حول تأثير الفسفور الأبيض على التربة، مؤكدة أن المجلس يعتزم أخذ عينات واسعة لتقييم التلوث المحتمل، لكنه ينتظر وقف إطلاق النار لإرسال الفريق.
وأكد أنطوان كلاب، المدير المعاون لمركز "حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية" في بيروت، أهمية أخذ العينات سريعاً لفهم ما إذا كان قصف الفسفور الأبيض يشكل خطراً على الصحة العامة والأمن الغذائي والنظام البيئي.
أعرب البيت الأبيض في ديسمبر عن قلقه إزاء تقارير تفيد باستخدام إسرائيل للفسفور الأبيض، الذي زودتها به الولايات المتحدة، في هجمات على لبنان. وقدم لبنان شكوى ضد إسرائيل أمام مجلس الأمن الدولي على خلفية استخدامها للفسفور الأبيض خلال عملياتها العسكرية داخل الحدود اللبنانية، مما يعرض حياة المدنيين للخطر ويسبب تدهوراً بيئياً.
منذ بدء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، قُتل أكثر من 450 شخصاً في لبنان، بينهم 88 مدنياً، وفقاً لتعداد وكالة "فرانس برس" المستند إلى بيانات من حزب الله ومصادر رسمية لبنانية، بينما أعلن الجانب الإسرائيلي عن مقتل 14 عسكرياً و11 مدنياً.