اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

فتاوى الدين وصراعات السلطة.. كيف تستخدم جماعة الإخوان الدين لتحفيز الأزمة في السودان؟

الإخوان في السودان
الإخوان في السودان

يُعدّ الدين من الركائز الأساسية في الفكر السياسي لرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي ينتمي إلى خلفية إسلامية ترتبط بالإخوان المسلمين. ويُستخدم الدين كأداة لتحفيز الدعم الشعبي وتبرير السياسات والممارسات المثيرة للجدل، بما في ذلك تلك التي تتضمن القتل والتحريض ضد المدنيين.

في الآونة الأخيرة، أثارت فتوى للداعية السوداني عبد الحي يوسف، أحد أبرز قادة الإخوان المسلمين في السودان، ردود فعل واسعة. يوسف، المعروف بخبرته في التحريض والتطرف، أباح في فتواه قتل المدنيين عبر قصف الطيران، مبرراً ذلك بأن الأسلحة الحديثة لا تفرق بين الأشخاص. واعتبر البعض أن هذه الفتوى تُجيز قتل من يُسمون بـ "حواضن الدعم السريع".

وفقاً لما نقلته صحيفة "التغيير"، فقد قال يوسف في فتواه: "إذا حصل القصف وكان المقصود به أولئك البغاة الظالمين ومن يساندهم، فإن القتل غير المقصود لا يُعد خطأ، بناءً على ما قرره أهل العلم بأن الضرر المتبع يُعتبر أقل من الضرر المستقل؛ خاصةً مع الأسلحة الحديثة التي لا تميز بين الأشخاص."

تُعدّ هذه الفتوى تكراراً لفتاوى سابقة مثيرة للجدل من عبد الحي يوسف، الذي سبق وأن أفتى بقتل بعض السياسيين من قوى الحرية والتغيير وسحب الجنسية عنهم. كان يوسف أيضاً متهماً بأنه المصدر الذي منح الرئيس المعزول عمر البشير الإذن بقتل ثلثي الشعب السوداني خلال ثورة ديسمبر.

تكتسب فتوى عبد الحي يوسف خطورتها في سياق الحرب الحالية، إذ تعتبر دعوة للتحريض على قتل المدنيين. المحامية الجنائية الدولية ليندا بور أكدت أن التحريض على ارتكاب جرائم ضد القانون الإنساني الدولي يمكن أن يؤدي إلى المساءلة القانونية.

في المقابل، وصف أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا البروفيسور منزول عسل الفتوى بأنها "خطيرة جداً"، واعتبرها تحريضاً على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مطالباً باتخاذ إجراءات قانونية لوقف استخدام الدين في التحريض على القتل.

من جهته، أشار القيادي بحزب المؤتمر السوداني مستور آدم إلى أن المجموعات الإسلامية التابعة للإخوان المسلمين التي تحارب إلى جانب القوات المسلحة تسعى لاستعادة إرثها السابق في حرب الجنوب من خلال إصدار فتاوى لتحويل خطاب الحرب إلى خطاب ديني.

في ذات السياق، وصف الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار عبد المحمود أبو الفتوى بأنها فتنة، مشدداً على ضرورة أن يعمل العلماء على إيقافها بدلاً من تشجيعها أو دعم أحد طرفيها.

بدأ يوسف حياته داعماً لحكومة البشير التي اعتبرها تعبر عن الإسلام، إلا أن العلاقة بينه والنظام بدأت تتضح بعد التحقيقات التي كشفت عن تبرع البشير لقناة "طيبة" التي تُعدّ منبراً ليوسف.

في مقال نشرته صحيفة "العرب" اللندنية، أشار الكاتب السوداني الدكتور عبد المنعم همت إلى أن الحكومة السودانية تستخدم الدين لتعزيز شرعيتها، من خلال استغلال المبادئ الإسلامية لتأكيد سلطتها وتعزيز استقرارها السياسي. ويُعدّ تأييد رجال الدين جزءاً من الاستراتيجية السياسية للحكومة، مما يعزز من صورة الحكومة كحامية للقيم الدينية ويخفف الضغوط الداخلية.

وأوضح همت أن التوظيف السياسي للدين في حكومة البرهان يُعدّ أداة فعالة لكنها معقدة، حيث يتم استخدامها لتبرير السياسات وتعزيز السلطة في سياق الصراعات الداخلية، بالإضافة إلى توجيه الخطاب السياسي والحشد ضد المعارضين، الذين يُصوّرون كأعداء للدين والأمة.

تستمر جماعة الإخوان في استخدام الفتاوى لدغدغة مشاعر البسطاء من السودانيين، وإقناعهم بأن الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع هو معركة بين الحق والباطل. هذه الاستراتيجية، التي تتبعها الجماعة منذ تأسيسها، تعتمد على استغلال الدين لتأجيج الصراعات السياسية والحروب، مما يؤدي إلى تكرار دورها في تأجيج الفتن والتلاعب بالعواطف.