غانا على أعتاب تغييرات كبرى.. انتخابات رئاسية وبرلمانية بين الأمل والانقسام الاقتصادي
دعا نحو 19 مليون ناخب غاني للإدلاء بأصواتهم اليوم السبت في انتخابات رئاسية وبرلمانية هامة، وسط أزمات اقتصادية متزايدة وتوترات سياسية واجتماعية تُحيط بالعملية الانتخابية، والتي تضع نقطة نهاية لفترة حكم الرئيس نانا أكوفو أدو.
وفي هذه الانتخابات، يتوجه الناخبون في غانا إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم الجديد ونواب البرلمان، في تصويت مزدوج قد يشهد إجراء جولة ثانية في حال عدم حسم النتيجة خلال هذه الجولة الأولى. وتأتي الانتخابات وسط أزمة اقتصادية خانقة تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للغانيين، في وقت تشهد فيه البلاد تراجعًا في المؤشرات الاقتصادية من تضخم وفقدان القدرة الشرائية.
واختارت اللجنة الانتخابية في غانا شعار "صوتك، مستقبلك"، في محاولة لتشجيع الناخبين على المشاركة في هذه الانتخابات المهمة، وذلك في ظل ظروف سياسية ضاغطة ومخاوف من قلة المشاركة بسبب الأزمة الاقتصادية. ومن المقرر أن تجري انتخابات جديدة لعضوية البرلمان، والتي ستكون بمثابة الفصل الأخير في ولاية الرئيس أكوفو أدو البالغ من العمر 80 عامًا، والذي تولى الحكم منذ عام 2017.
الرئيس أكوفو أدو كان قد تولى قيادة غانا وسط آمال بتحقيق استقرار اقتصادي، إلا أن فترة حكمه شهدت العديد من التحديات المالية، مما أدى إلى أزمة اقتصادية عميقة. وبالرغم من أن أكوفو أدو كان يُنظر إليه كرمز للاستقرار السياسي في غرب إفريقيا، إلا أن الأوضاع الاقتصادية أثرت بشكل كبير على شعبيته.
وتتنافس في الانتخابات شخصيتان بارزتان هما محمودو باوميا، نائب الرئيس الحالي ومرشح الحزب الحاكم، وجون ماهاما، الرئيس السابق للبلاد (2012-2017)، الذي يسعى لاستعادة منصبه.
باوميا، البالغ من العمر 61 عامًا، هو اقتصادي ويعتمد في حملته على رقمنة الأنشطة الحكومية والاقتصادية لمواجهة الأزمة، في حين يعد ماهاما، البالغ 66 عامًا، بإعادة غانا إلى الوضع الذي كانت عليه خلال فترته الرئاسية، رغم القضايا الاقتصادية والفساد التي شابت حكومته.
وتحمل هذه الانتخابات تنافسًا حادًا بين الحزبين الرئيسيين في غانا، "الحزب الوطني الجديد" و"المؤتمر الوطني الديمقراطي"، وهو أمر يعكس التوتر السياسي في البلاد، حيث لا تزال الانتخابات تحظى بمتابعة كبيرة من المواطنين رغم خيبة الأمل المتزايدة تجاه الحزبين اللذين فشلا في تلبية وعودهما الاقتصادية في مجالات مثل خلق فرص العمل والحد من عدم المساواة.
ومن جانب آخر، يُتوقع أن يكون الناخبون الشباب، الذين يمثلون أكثر من نصف سكان غانا، هم العامل الحاسم في نتائج هذه الانتخابات. حيث يُقدر أن 56% من سكان غانا تحت سن 25 عامًا، وهو ما يجعل تصويتهم له أهمية كبيرة في تحديد الفائز. ورغم بعض الاستطلاعات التي تشير إلى نتائج متقاربة بين باوميا وماهاما، يرى المحللون أن هذه الفئة العمرية قد تكون هي من سيتحكم في موازين القوى في هذه الانتخابات.
أشارت الاستطلاعات إلى أن ما يقرب من 80% من الشباب بين سن 18 و25 عامًا يخططون للمشاركة في الانتخابات، وهو ما يعد مؤشرًا جيدًا على أن هذه الفئة ستظل محورية في تحديد هوية القيادة القادمة للبلاد. إلا أن بعض المحللين يرون أنه بالرغم من حماستهم للمشاركة، من الصعب معرفة ما إذا كان بإمكان الشباب التأثير بشكل كبير في النقاشات السياسية أو دفع السياسات التي تلبي تطلعاتهم.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الأحزاب الرئيسة لتعبئة الناخبين، تبدو الأحزاب الصغيرة أقل قدرة على التأثير نظرًا لقلة الموارد والتنظيم مقارنة بالأحزاب الكبرى. وهذا ما يجعل الانتخابات في غانا تنافسًا حادًا بين الحزبين الرئيسيين، مع تدخل القوى السياسية الصغيرة التي تبقى محدودة التأثير.
بذلك، يبقى الشباب العنصر الأكثر تأثيرًا في المشهد السياسي الغاني، ويظل مشهد الانتخابات متقلبًا حتى اللحظات الأخيرة، حيث ستحدد مواقف الناخبين من كل الفئات العمرية مصير البلاد السياسي في السنوات القادمة.