اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون مدير التحرير التنفيذي محمد سلامة
تسارع الاعتداءات الإسرائيلية.. تهديد مستمر للمقدسات الإسلامية في القدس والضفة الغربية في ذكرى ميلاده.. محطات في حياة أول نقيب لقراء مصر .. الشيخ عبدالباسط عبدالصمد إيران في مطلع عام 2025.. تحديات إقليمية ودولية في ظل ظروف اقتصادية صعبة انسحاب القوات الفرنسية.. بداية عهد جديد في غرب أفريقيا وتحديات الأمن والهيمنة في اليوم العالمي للأسرة.. «الأزهر للفتوى» يستعرض حصاد 6 أعوام من برامجه للتوعية الأسرية أديب سلامة.. هروب مستمر من العدالة رغم السجل الدموي الطويل في سوريا أمين هيئة كبار العلماء: اللغة العربية أول شروط التصدى للاجتهاد مفاوضات غزة.. مسار مسدود وآمال متلاشية قبيل نهاية ولاية بايدن سوريا تحتفل بسنة جديدة.. لحظة أمل بعد عقود من الظلم والاستبداد خيارات المستقبل في الأزمة الأوكرانية مع بداية 2025.. بين سلام مرير وتصعيد محتمل مرصد الأزهر: إعداد 4000 تقرير بـ 13 لغة و300 حملة توعوية تستهدف الشباب خلال 2024 «الإفتاء»: غدا غرة شهر رجب لعام 1446 هجريا

بعد إثارة الفنان أحمد الفيشاوي الجدل.. الإفتاء تكشف حكم الوشم في الشرع

أحمد الفيشاوي
أحمد الفيشاوي

تسبب الفنان أحمد الفيشاوي، في إثارة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصريحه بأن الوشم ليس محرما لأنه فن، حيث ظَهر مُؤخرًا على «الريد كاربت» في مهرجان القاهرة السينمائي بإطلالة غريبة ووشم وحلق، وأدى حركات عفوية ورقصًا على الريد كاربت.

وفي هذا الإطار ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الإلكتروني حول حكم عمل الوشم والناتو في الإسلام.

وأجابت دار الإفتاء المصرية، على السؤال قائلة:" التاتو أو الوشم نوعان: منه الثابت، ومنه المؤقَّت؛ أما الثابت فهو الوشم بالمعنى القديم الذي يتم عن طريق إحداثِ ثُقْب في الجلد باستخدام إبرة معينة، فيخرج الدم ليصنع فجوة، ثم تُملَأ هذه الفجوة بمادة صِبغية، فتُحدِث أشكالًا ورسوماتٍ على الجلد"

ما هو الوشم الدائم وحكمه

وأوضحت دار الإفتاء المصرية، أنه اتفق الفقهاء على نجاسة هذا النوع من الوشم ومن ثَم حكموا بحرمته؛ لما رواه الشيخانِ في "صحيحيهما" عَنْ علقمةَ، عن عبد اللهِ بن مسعود رضي الله عنه قَال: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ». ففي هذا الحديث دليل على حرمة الوشم بالصورة السابقة؛ لأن اللعن الوارد في الحديث لا يكون إلا على فعل يستوجب فاعلُه الذَّمَّ شرعًا.

واستشهدت دار الإفتاء المصرية بقول الشيخ العدوي المالكي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (2/ 459، ط. دار الفكر): [(قوله: وعن الوشم) أي: في الوجه أو غيره، وهو النقش بالإبرة مثلًا حتى يخرج الدم ويُحشَى الجرح بالكحل أو الهباب أو نحو ذلك مما هو أسود ليخضرَّ المحلُّ، والنهي للحرمة في حق الرجل والمرأة، والرجل أشد وهو كبيرة].

كما استشهدت بقول العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [الوشم، وهو غرز الجلد بالإبرة حتى يخرج الدم ثم يذر عليه نحو نيلة ليزرق أو يخضر بسبب الدم الحاصل بغرز الإبرة حرام].

ما هو الوشم المؤقت وحكمه

وتابعت دار الإفتاء، أما النوع الثاني منه وهو الوشْم المؤقَّت، والذي تستخدمه بعضُ النساء للزينة: كتحديد العين بدل الكحل أو رسم الحواجب، أو عمل بعض الرسومات الظاهرية على الجلد باستخدام الصبغات التي تزول بعد فترة قصيرة من الوقت ولا يأخذ الشكل الدائم، فإنه داخلٌ تحت الزينة المأذون فيها لا تحت الوشم المنهي عنه؛ قال الإمام المواق في "التاج والإكليل لمختصر خليل" (1/ 287، ط. دار الكتب العلمية): [ولما ذكر عياض الوعيد في الوشم قال: وهذا فيما يكون باقيًا، وأما ما لا يكون باقيًا كالكحل فلا بأسَ به للنساء].

واستشهدت دار الإفتاء بقول الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 393، ط. دار الكتب المصرية): [هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيًا؛ لأنه من باب تغييرِ خلْقِ الله تعالى، فأمَّا ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزيُّن به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك].

أسباب تحريم الوشم

أولًا: ما يُحدِثه من نجاسةٍ للموضع الموشوم بسبب الدم المختلط بالصبغ، قال الإمام النووي في "شرح النووي على مسلم" (14/ 106، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال أصحابنا: هذا الموضع الذي وُشِم يصير نجسًا، فإن أمكن إزالتُه بالعلاج وجبت إزالتُه، وإن لم يمكن إلا بالجرح؛ فإن خاف منه التلف، أو فوات عضو، أو منفعة عضو، أو شيئًا فاحشًا في عضو ظاهر لم تجب إزالته].

ثانيًا: ما يترتَّب على بقاء الوشم من التدليس والتغييرِ لخلق الله سبحانه وتعالى، كما جاء في نصِّ الحديث السَّابق ذكره: «المغيِّرات خلقَ اللهِ»، وما جاء في قول الله تعالى -على لسان الشيطان-:«وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا»[النساء: 119].

ثالثًا: الوشم فيه إيلام للجسد بغرز الإبرة، وغرزُ الإبرةِ ضررٌ بالإنسان من غير ضرورة؛ ومن المعلوم شرعًا حُرمة الإضرار بالنفس أو بالغير؛ قال تعالى:«وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»[البقرة: 195]، وقال جل شأنه:«وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا»[النساء:29]، فقد نصت الآيتان على النهي عن الإضرار بالنفس، والإلقاء بها في المهالك، والأمر بالمحافظة عليها من المخاطر والأضرار؛ فمن مقاصد الشريعة الإسلامية المحافظة على النفس، ولهذا حرم الله تعالى كل ما يؤدي إلى إتلاف الإنسان أو جزء منه.