حملة ضد الفساد.. حكومة سوريا الجديدة تستهدف رجال أعمال بشار الأسد

تفتش الحكومة السورية الجديدة في إمبراطوريات الشركات التي يملكها حلفاء الرئيس المخلوع بشار الأسد، في خطوة تعكس الحملة التي تقودها القيادة الجديدة ضد الفساد والنشاطات غير القانونية. وفي إطار سعيها لتحسين الوضع الاقتصادي، تعهدت الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع بتغيير النظام الاقتصادي المركزي والفاسد الذي كان مهيمنًا على البلاد خلال فترة حكم الأسد، مع التركيز على إعادة إعمار سوريا.
في هذا السياق، قامت الحكومة بتأسيس لجنة مختصة لدراسة المصالح الاقتصادية الكبرى التي يسيطر عليها رجال الأعمال المرتبطون بنظام الأسد، مثل سامر فوز ومحمد حمشو. وفي إجراء سريع بعد توليها السلطة في ديسمبر، أصدرت الحكومة أوامر بتجميد الأصول والحسابات المصرفية التي تعود للأشخاص والشركات المتحالفة مع الأسد، بما في ذلك أولئك المدرجين في قائمة العقوبات الأمريكية.
أفادت المصادر أن حمشو وفوز، اللذين يعدان من أبرز رجال الأعمال السوريين المتورطين في شبكة الفساد التي حامت حول الأسد، قد عادا إلى سوريا في يناير، وقاما بلقاء شخصيات بارزة في هيئة تحرير الشام. هذا اللقاء أثار تساؤلات حول المدى الذي قد يصل إليه التعاون بين هؤلاء الأفراد والقيادة الجديدة، خصوصًا مع تعهدهم بالتعاون في التحقيقات التي تستهدف كشف الحقائق المرتبطة بالعلاقة مع النظام السابق.
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة "أمان القابضة" المملوكة لفوز قد اتهمت من قبل وزارة الخزانة الأمريكية بالاستفادة من الحرب السورية، حيث تنشط في مجالات متعددة مثل صناعة الأدوية، وتكرير السكر، والتجارة والنقل. أما مجموعة "حمشو الدولية" التي يديرها حمشو، فتمتلك مصالح واسعة في البتروكيماويات والمنتجات المعدنية والإنتاج التلفزيوني. وقد تم اتهام حمشو من قبل الخزانة الأمريكية بكونه أحد الواجهات الاقتصادية للأسد وشقيقه ماهر، ما يعزز الشكوك حول طبيعة علاقاتهما بالنظام السابق.
وعلى الرغم من تجنب الشخصين التعليق على هذه الأحداث، سواء من خلال ردود من حمشو أو فوز على الطلبات الإعلامية، فإن أنشطة اللجنة التي تضم هؤلاء الأفراد وأي محادثات مع الحكومة السورية الجديدة لم تُعلن رسميًا بعد. في هذا السياق، يرى المحللون أن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة الجديدة مع هذه الشركات المرتبطة بنظام الأسد تلعب دورًا محوريًا في تحديد مستقبل الاقتصاد السوري، لا سيما في ظل محاولات الحكومة إقناع واشنطن وحلفائها برفع العقوبات المفروضة على سوريا.
من جانبه أكد وزير التجارة ماهر خليل الحسن ورئيس هيئة الاستثمار السورية أيمن حموية أن الحكومة السورية تواصل التواصل مع بعض رجال الأعمال المرتبطين بنظام الأسد، على الرغم من أنهم لم يكشفوا عن أسمائهم أو تفاصيل تلك المحادثات. هذه التصريحات تثير العديد من التساؤلات حول الدور الذي لا يزال يلعبه هؤلاء رجال الأعمال في الاقتصاد السوري، وما إذا كانت العلاقات معهم تعكس الحاجة المستمرة إلى دعم الاقتصاد المحلي.
كما صرح وزير التجارة بأن الحكومة الجديدة سمحت لشركات مرتبطة برجال الأعمال الموالين لنظام الأسد بمواصلة أعمالها مع تجميد أموالهم، في خطوة تعكس تعقيد الوضع الاقتصادي في سوريا، حيث لا يزال الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على هؤلاء الأفراد.
وأكد الوزير أنه رغم الضغوط الدولية والعقوبات، فإن الحكومة لا تستطيع ببساطة تجنب التعامل مع هؤلاء رجال الأعمال بسبب تأثيرهم الكبير في عجلة الاقتصاد السوري.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الوضع الاقتصادي الصعب في سوريا يفرض على الشركات الكبرى الاستمرار في العمل رغم انتماءاتها السياسية والاقتصادية. فعلى الرغم من رفع القيود التجارية، فإن تكاليف السلع الأساسية لا تزال مرتفعة، مما يجعل الظروف المعيشية صعبة بالنسبة لغالبية السوريين. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يعيش نحو 90% من السوريين تحت خط الفقر، ما يزيد من تعقيد الأوضاع ويعكس تحديات كبيرة في تحقيق استقرار اقتصادي حقيقي في البلاد.