ترامب يمنح نفسه حق السيطرة على الوكالات المستقلة

في خطوة مثيرة للجدل، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرسوماً تنفيذياً يعزز سلطته التنفيذية بشكل كبير من خلال وضع الوكالات المستقلة تحت إشراف مباشر من البيت الأبيض. يمثل هذا المرسوم توسعاً كبيراً في صلاحيات الرئيس ويثير تساؤلات قانونية حول دستوريته، حيث يفتح المجال لعدد من الطعون القانونية ويعكس رغبة إدارة ترامب في اختبار نظرية "السلطة التنفيذية الأحادية".
المرسوم يلزم الوكالات الفيدرالية المستقلة بتعيين منسقين للتواصل المنتظم مع البيت الأبيض، وذلك بهدف التشاور مع الإدارة بشأن السياسات والأولويات التنفيذية. إضافة إلى ذلك، يحد من صلاحيات المستشارين القانونيين، ما يعزز قدرة الرئيس والمدعي العام على اتخاذ قرارات قد تتعارض مع التفسيرات القانونية التي تقدمها الوكالات المستقلة. هذه الإجراءات تعكس بشكل واضح تأثير راس فوت، مدير مكتب الإدارة والموازنة في إدارة ترامب، الذي كان من أشد المناصرين لتقليص دور الهيئات المستقلة وتقوية قبضة السلطة التنفيذية.
يشمل هذا المرسوم وكالات مهمة مثل هيئة الاتصالات الفيدرالية، وهيئة التجارة الفيدرالية، وهيئة الأوراق المالية، التي تملك صلاحيات واسعة في إصدار اللوائح وتنظيم الشركات. ويمنح فوت سلطات واسعة على هذه الوكالات، بما في ذلك تحديد معايير الأداء وتقديم تقارير دورية للرئيس حول مستوى تنفيذ هذه المعايير. كما يتضمن الأمر التنفيذي مراجعة موازنات الوكالات المستقلة وتعديلها بما يتماشى مع السياسة العامة للرئيس.
العديد من الخبراء القانونيين يرون أن هذا المرسوم يتجاوز حدود الدستور الأمريكي، إذ أن الكونغرس قد أنشأ هذه الوكالات للعمل بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية. ومع أن الرؤساء السابقين قد تجنبوا التدخل في استقلالية الوكالات، يعتبر هذا الأمر التنفيذي بمثابة "إعادة هيكلة جذرية" للحكومة الفيدرالية، حيث يضع أسساً قانونية لإجراءات سبق أن اتخذتها إدارة ترامب في وقت سابق.
علاوة على ذلك، أفادت التقارير أن ترامب قد أقال عدداً من المسؤولين رفيعي المستوى في بعض الوكالات، بما في ذلك جوين ويلكوكس، الرئيسة السابقة للمجلس الوطني للعلاقات العمالية، وجينيفر أبروزو، المستشارة العامة، حيث رفعت ويلكوكس دعوى قضائية للطعن في قرار إقالتها. هذه الإقالات تتزامن مع تصاعد الضغوط السياسية على الوكالات المستقلة، وهو ما قد يزيد من الاستقطاب السياسي الذي تشهده بعض الهيئات، مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات، التي كانت تحت scrutinization في عهد بايدن، وهيئة الاتصالات الفيدرالية التي تم اتهامها بالتحيز ضد ترامب في انتخابات 2024.
يشير هذا المرسوم إلى تحول كبير في العلاقات بين البيت الأبيض والوكالات الفيدرالية المستقلة، مع تأثيرات قد تزعزع استقلالية هذه الهيئات وتفتح المجال أمام تدخلات سياسية أكبر في العمليات التنظيمية والإدارية.