مستغلين الشهر الفضيل
الإمارات: «شياطين الإنس» ينشطون لجمع تبرعات أونلاين ويستولون عليها

في شهر رمضان ينشط المسلمون بكل مكان في العالم لأداء فرائض دينهم الحنيف، ويشمرون عن ساعد الجد، يمارسون طقوس دينهم من صلاة وصيام وبذل للمال، ويتعهد الله تعالى بسلسلة الشياطين في ذلك الشهر الحنيف.. لكن ينشط شياطين الإنس مستغلين غياب إخوانهم من الجن حتى لا يتركون الأرض تنعم بالخير ولو لمدة شهر واحد فقط، ومستغلين كذلك حالة البذل التي يحرص عليها المسلمون الطائعون فيسعون لإيهامهم بأنهم يتلقون التبرعات لإنفاقها في المسارات الصحيحة وهم في الحقيقة يستولون عليها ويستحلونها وهي عليهم حرام فقد أكّد مواطنون ومقيمون، في دولة الإمارات العربية المتحدة تلقيهم العديد من الرسائل منذ بداية شهر رمضان، عبر مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، تحثهم على التبرع، وتحويل مساعدات مالية على أرقام حسابات مصرفية غير معروفة، بهدف إيصالها إلى الفقراء والأيتام والمرضى والمساكين، أو المساهمة بها في إفطار الصائمين، أو إرسالها لإغاثة الشعوب المنكوبة، وغيرها من الادعاءات الإنسانية، فيما دعت وزارة تمكين المجتمع الإماراتية إلى الإبلاغ عن أي حملات تبرع غير قانونية أو أي ممارسات أو قنوات يشتبه في تلقيها تبرعات بصفة غير رسمية، سواء عبر المواقع الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي، والإبلاغ عنها من خلال مركز اتصال أعلنت عنه.
وتفصيلاً، أبلغ مواطنون ومقيمون في دولة الإمارات العربية المتحدة إضافتهم إلى جروبات «واتس أب» لا يعلمون عنها شيئاً، تديرها أرقام خارجية، تدعوهم إلى التبرع بالأموال لمساعدة النازحين والمصابين من دول تشهد حروباً واضطرابات، إضافة إلى تلقيهم رسائل يومية على بريدهم الإلكتروني وحساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي تدعوهم للتبرع لحالات إنسانية، مشيرين إلى أن الرسائل تتضمن أرقام حسابات بنكية وروابط لصفحات تبرع مزيّفة.
وحذّر المواطنون والمقيمون من خطورة انخداع البعض في رسائل الحالات الإنسانية التي تصل إلى الكثيرين منذ بداية شهر رمضان، وخطورة التعاطف معها ومنح التبرعات لأشخاص أو لجهات غير معلومة وغير مصرح لها بجمع تبرعات، مشددين على أهمية حرص المتبرّع على إيصال تبرعاته للجهات الخيرية الموثوق بها، وعدم التبرع لأشخاص مجهولي الهوية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأشاروا إلى تلقيهم العديد من الرسائل والإشعارات الخاصة بحملات تبرع مختلفة تدعوهم إلى المساهمة فيها.
مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة سريعة لبعض ضعاف النفوس
فيما أكّد مستشار أسري أن مواقع التواصل الاجتماعي تحوّلت إلى وسيلة سريعة لبعض ضعاف النفوس، ممن امتهنوا مخالفة أنظمة الدولة تجاه ضبط التبرعات النقدية والعينية، حيث نصّت التعليمات على تحديد القنوات الرسمية التي تستقبل تلك التبرعات، وطرق إيصالها إلى أصحابها عبر حسابات وجهات معروفة، وليس لمن يتخفون خلف أسماء وهمية على هذه المواقع، أو ممن يظهرون بأسمائهم الحقيقية لكنهم يفتقدون الوسيلة الصحيحة والواضحة التي سيجمعون من خلالها أموال المتبرعين، وضمان إيصالها إلى أصحابها أياً كانوا بطرق سليمة.
وأشار المستشار إلى أن المتبرّع عند تقديمه تبرعه للمؤسسات والجمعيات المصرح لها قانوناً بجمع التبرعات، عبر حساباتها الرسمية المعلنة، يطمئن على أمواله ويستشعر قيمة إنسانيته، بدلاً من التعامل مع تلك الرسائل المشبوهة، التي تصله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مذيلة بأرقام حسابات لأشخاص مجهولين غير مصرح لهم بجمع التبرعات، ولا يُعلم في أي مسلك يستخدمون هذه الأموال، مطالباً الجميع بعدم الانسياق أو التهاون في تقديم تبرعاتهم الخيرية، لتلك الجهات غير المعروفة وغير المضمونة، خصوصاً أن عمليات الاحتيال لا تسرق أموال المتبرعين فقط، بل تعوق أيضاً وصول التبرعات إلى المنظمات الرسمية والمحتاجين، ما يتطلب الحذر أثناء التبرع.
آلية الحصول على تصريح لجمع التبرعات
من جانبه، أوضح مستشار قانوني، أن قانون تنظيم التبرعات وضع آلية للحصول على تصريح لجمع التبرعات، حيث يجب على المؤسسات الراغبة في جمع التبرعات الحصول على تصريح مسبق من الجهات المختصة، وفق إجراءات واضحة تشمل تحديد الجهة القائمة على جمع التبرعات، وأن تكون جمعية خيرية أو مؤسسة معتمدة، إضافة إلى ذكر الغرض من جمع التبرعات بوضوح، مع بيان أوجه الصرف وآلية توزيع الأموال وتحديد الفئات المستفيدة من التبرعات، والمواقع التي ستتم فيها عملية الجمع وتحديد الوسائل المستخدمة لجمع الأموال، سواء عبر الحملات التقليدية أو الرقمية، والإفصاح عن مدة حملة التبرع ونسبة النفقات التشغيلية والإدارية المستقطعة لمصلحة الجمعية الخيرية المنظمة للحملة.
وبخصوص التبرّع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكّد المستشار القانوني أنه يمنع تماماً قيام الأفراد بإطلاق حملات لجمع التبرعات دون الحصول على ترخيص وتصريح رسمي، لتجنب الاستغلال أو توجيه الأموال إلى جهات غير معلومة أو غير مشروعة، حيث يشدد المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021، بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية على أن جمع الأموال دون ترخيص والتسوّل الإلكتروني ونشر حملات التبرع الوهمية عبر الإنترنت تعدّ من الجرائم التي يُعاقب عليها القانون بالسجن والغرامات.
فيما حذّر خبير تقنية معلومات، من استغلال محتالين لشهر رمضان بجمع مساعدات وتبرعات بشكل غير قانوني تنتهي إلى جيوبهم، مشيراً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي سهّلت على المحتالين الوصول لأكبر عدد من المتبرعين، حيث يقوم المحتالون بتشجيع المحسنين على التبرع بعرض صور ووثائق وتقارير طبية تبدو للشخص غير الخبير أو غير المعني بالتدقيق أنها صحيحة.
وأشار إلى وجود العديد من الطرق لكشف زيف كثير من دعوات جمع التبرعات، أبرزها أن صفحات التبرع المزيفة تفتقر إلى معلومات عن منظمي جمع التبرعات أو متلقيها، لافتاً إلى أن نقص المعلومات يُعتبر مؤشراً إلى وجود عملية احتيالية، وأن الاستمرار فيها قد يكلف المتبرع رصيده المصرفي، حيث لا يكتفي المحتالون عادة بمبلغ التبرع، ويتم الاستيلاء على مبلغ البطاقة التي تم التبرع من خلالها.
فيما حثت وزارة تمكين المجتمع الإماراتية المتبرعين من أفراد ومؤسسات على الالتزام بأحكام القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2021، بشأن تنظيم التبرعات، ويهدف إلى تنظيم عمليات جمع التبرعات وحماية أموال المتبرعين. ودعت إلى الإبلاغ عن أي حملات تبرّع غير قانونية أو أي ممارسات أو قنوات يشتبه في تلقيها تبرعات بصفة غير رسمية، سواء عبر المواقع الإلكترونية أو وسائل التواصل الاجتماعي والإبلاغ عنها من خلال مركز الاتصال 800623.
واستعرضت دائرة القضاء في أبوظبي، على حسابها في منصة «إكس»، حالة لشخص أنشأ مجموعة على «واتس أب» تحت اسم «الطريق إلى الخير»، وأضاف العديد من الأشخاص لها، وبدأ في كتابة رسائل مثل: «يا أهل الخير أعرف عائلة أيتام، الأخ الأكبر هو المسؤول عنها ودخل في ديون بسبب المسؤوليات والالتزامات»، مطالباً من يرغب في المساعدة بالتحويل على رقم حساب بنكي وضعه في «الجروب»، وبدأ استقبال أموال المتبرعين، ثم سحب الأموال لشراء ممنوعات.
عقوبة جمع التبرعات من دون ترخيص
أكدت النيابة العامة الإماراتية، من خلال مادة فيلمية نشرتها على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، ضمن حملة مركز الإعلام الجنائي «وعي»، أن عقوبة الدعوة والترويج لجمع التبرعات من دون ترخيص، طبقاً للمادة 46 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، هي: «يُعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على 500 ألف درهم، أو بإحدى العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه أو نشر معلومات على الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات للدعوة أو الترويج لجمع التبرعات من دون ترخيص معتمد من السلطة المختصة أو بالمخالفة لشروط هذا الترخيص».
«تبرع بأمان»
وكانت وزارة تمكين المجتمع الإماراتية، قد أطلقت تزامناً مع شهر رمضان المبارك، الموسم الثاني من حملة «تبرع بأمان واحم أموالك من الاستغلال»، للارتقاء بوعي المجتمع وضمان تأكد المتبرعين وأصحاب الأيادي البيضاء من صدقية الجهات التي تقوم بجمع وتلقي التبرعات بأشكالها كافة، وعدم التعامل مع أي حملات غير مرخصة.