اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

موسكو ودمشق.. دعم روسي متواصل في مرحلة ما بعد الأسد

بوتين والشرع
بوتين والشرع

في تطور يعكس استمرار الانخراط الروسي في الملف السوري، بعث الرئيس فلاديمير بوتين رسالة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، أعرب فيها عن دعم موسكو للجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في سوريا بأسرع وقت ممكن. وأشار بوتين في رسالته إلى استعداد روسيا الكامل للتعاون مع السلطات السورية في جميع القضايا ذات الصلة، ما يؤكد رغبة موسكو في الحفاظ على دورها المحوري في مستقبل سوريا السياسي والأمني.
يأتي هذا في ظل تحولات كبيرة في المشهد السوري، أبرزها سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى روسيا، الأمر الذي أعاد صياغة العلاقات الروسية-السورية وفق مقاربة جديدة تراعي التغيرات الميدانية والسياسية. وكان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، قد أجرى في يناير الماضي محادثات وصفها بـ"البناءة والإيجابية" مع الإدارة السورية الجديدة في دمشق، ما يشير إلى محاولة موسكو إعادة ترتيب المشهد السوري بما يضمن استمرار نفوذها.
القواعد الروسية في سوريا.. استراتيجية بعيدة المدى
بعد خروج الأسد من المشهد، أعاد بوتين في ديسمبر الماضي التطرق إلى مصير القواعد العسكرية الروسية، مشيرًا إلى أن أطرافًا إقليمية أكدت ضرورة الحفاظ على الوجود العسكري الروسي في سوريا، دون الكشف عن هوية هذه الأطراف. وأكد بوتين أن موسكو تحتفظ بعلاقات مع جميع القوى المؤثرة على الأرض، إضافة إلى تعزيز التنسيق مع الدول الإقليمية، مشيرًا إلى أن غالبية هذه الدول ترى في استمرار الوجود الروسي عنصرًا ضروريًا لضمان الاستقرار.
وفي هذا السياق، شدد بوتين على أن روسيا مستعدة لتنظيم إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر قاعدة حميميم، مع اقتراح استخدام القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس كمنافذ رئيسية لتوزيع الإمدادات الإنسانية الدولية، في خطوة تعكس سعي موسكو لإعادة تأكيد نفوذها في الملف الإنساني، بالتوازي مع دورها العسكري والسياسي.
ورغم أن روسيا لا تملك قوات برية منتشرة في سوريا، فإن وجودها العسكري يتركز في قاعدتين رئيسيتين، هما قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية، ما يضمن استمرار حضورها الاستراتيجي في المنطقة. ويأتي هذا ضمن رؤية روسية أوسع تهدف إلى تأمين موطئ قدم دائم في شرق المتوسط، سواء من خلال التحالفات السياسية أو التمركز العسكري طويل الأمد.
توازنات جديدة تحت الهيمنة الروسية
بعد غياب الأسد عن المشهد، يبدو أن روسيا تتحرك بسرعة لإعادة ترتيب الوضع السوري وفق صيغة تضمن استمرار نفوذها في البلاد، سواء عبر دعم النظام الجديد أو الاحتفاظ بالقواعد العسكرية كعنصر رئيسي في معادلة التوازن الإقليمي. ويعكس حديث بوتين عن وجود توافق إقليمي على بقاء القواعد الروسية مدى نجاح موسكو في تسويق دورها كضامن للاستقرار، في ظل مشهد تتقاطع فيه المصالح الدولية والإقليمية.
وبينما تبدو الإدارة السورية الجديدة منفتحة على التعاون مع موسكو، فإن المرحلة المقبلة ستكشف عن مدى قدرة روسيا على الاحتفاظ بسيطرتها على الملف السوري، في ظل التحولات المتسارعة في المنطقة. هل ستنجح موسكو في فرض رؤيتها أم أن قوى أخرى تسعى لملء الفراغ الذي خلفه الأسد؟ هذا ما تكشفه التطورات القادمة.