اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

صفقة القرم المفخخة.. أوروبا تتصدّى لمحاولات ترامب تقنين الاحتلال الروسي

ترامب
ترامب

في خضم تصاعد التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، كشفت صحيفة فاينانشال تايمز عن موقف أوروبي حاسم رافض لأي محاولة أمريكية للاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو بالقوة من أوكرانيا عام 2014، في خطوة لا تزال تشكل حجر عثرة في العلاقات بين الغرب وروسيا.

وبحسب الصحيفة، فإن مسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى أكدوا أنهم أبلغوا إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال مناقشات دبلوماسية رفيعة، أن الاعتراف بالقرم كجزء من الأراضي الروسية هو "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه، وأن مثل هذا الاعتراف الأحادي الجانب سيفكك الموقف الغربي الموحد تجاه أوكرانيا، ويقوّض أي أسس قانونية لاحقة لمحاسبة روسيا على ضمّها الإقليمي.

التباين العميق بين ضفّتي الأطلسي

يشير الموقف الأوروبي الحازم إلى تصدع محتمل في وحدة المواقف عبر الأطلسي، لا سيما في ظل ما وصفه مسؤولون أوروبيون بمحاولات إدارة ترامب الضغط على العواصم الغربية لتليين مواقفها تجاه موسكو. وحذّر أحد هؤلاء المسؤولين من أن "الضغط على كييف للاعتراف بسيادة روسيا على القرم لن يجد أي دعم داخل الاتحاد الأوروبي"، مؤكدًا أن هذا النوع من الصفقات "يضعف القانون الدولي ويشجع على سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة".

ورغم السعي الأوروبي الحثيث لإثناء واشنطن عن أي خطوة منفردة من هذا النوع، فإن إدارة ترامب كانت تدرس، وفق تسريبات صحفية، اقتراحًا أثار جدلًا واسعًا، يتضمن الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم مقابل ضمانات أمنية غير محددة المعالم لأوكرانيا. هذا المقترح، الذي كان من المقرر طرحه في اجتماع دبلوماسي في لندن، أثار انقسامًا كبيرًا، انعكس بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي في الاجتماع، في مؤشر على عدم التوافق بين الحلفاء.

ترامب يصعّد ضد زيلينسكي.. والقرم في قلب المعركة

في منحى أكثر حدة، شن ترامب هجومًا لاذعًا على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، معتبرًا أن موقفه "المتشدد" من مسألة القرم "يُعقّد مفاوضات السلام مع موسكو"، على حد تعبيره. وزاد ترامب من لهجته التحذيرية بالقول إن زيلينسكي "سيخسر أوكرانيا بالكامل" إذا لم يتوصل إلى تسوية خلال السنوات الثلاث المقبلة.

هذه التصريحات قوبلت في أوروبا بقلق بالغ، كونها تُضعف من موقف كييف التفاوضي، وتُوحي بأن الولايات المتحدة قد تكون مستعدة للتخلي عن أحد المبادئ الأساسية في النزاع الأوكراني، وهو وحدة الأراضي وسيادة الدولة.

قضية إقليمية

بالنسبة للعواصم الأوروبية، لا تمثل القرم مجرد منطقة متنازع عليها؛ بل إنها اختبار حاسم لمصداقية الغرب في الدفاع عن النظام الدولي القائم على احترام الحدود وعدم الاعتداء على سيادة الدول. أي اعتراف بسيادة روسيا على القرم، وفق التحليل الأوروبي، يعني عمليًا تقنين سياسة الاحتلال، ويشكّل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية.
في هذا السياق، تعكس الأزمة الحالية ليس فقط الانقسام بين أوروبا وإدارة ترامب، بل أيضًا هشاشة الإجماع الغربي في ظل ضغوط سياسية متزايدة، وتبدلات محتملة في الأولويات الاستراتيجية، خصوصًا مع اقتراب استحقاقات انتخابية أمريكية قد تُعيد رسم خريطة التحالفات والمواقف.

موضوعات متعلقة