النازحون في إثيوبيا.. المعارك الدائرة بين القوات الحكومية وإقليم تيجراي
أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” أن أكثر من 50 ألف شخص نزحوا من منازلهم في شمال إثيوبيا جراء معارك دائرة في منطقة متنازع عليها.
وأشار “أوتشا” نقلا عن السلطات بالمنطقة الواقعة بين إقليمي تيجراي وأمهرة إلي إن عدد النازحين جراء الاشتباكات المسلحة في بلدة ألاماتا ورايا ألاماتا منذ 13 أبريل تجاوز 50 ألف شخص.
وأكدت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في تقرير لها أن غالبية النازحين هم من النساء والأطفال والشباب والمسنين.
تسبب النزاع المسلح الدائر في إقليم تيجراي منذ عام 2020 في نزوح أكثر من 2 مليون شخص، وتُشعل الصراعات بين الجماعات العرقية في مختلف أنحاء البلاد، خاصة في المناطق الحدودية، موجات نزوح جديدة.
يُعد الجفاف عاملاً رئيسياً في دفع الناس إلى مغادرة منازلهم، حيث يؤثر على أمنهم الغذائي ويُعيق سبل عيشهم، ويُعاني النازحون من ظروف إنسانية صعبة، ونقص في الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، وتزايد خطر العنف والاستغلال.
يعاني أكثر من 4 ملايين شخص في إثيوبيا من النزوح الداخلي، وذلك وفقًا لأحدث البيانات من المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة. ويُعزى هذا الرقم الكبير من النازحين إلى الصراعات الجارية والجفاف.
إقليم تيجراي يقع في شمال إثيوبيا ويحده من الشمال إريتريا ومن الغرب السودان ومن الشرق عفر ومن جنوبها إقليم أمهرة، ويبلغ عدد سكانه 5 ملايين نسمة، ويشكل تيغراي نحو ثلاث أرباع السكان بالإضافة إلى اليوروب المتحدثين بلغة الساهو والامهرا والكوناما وبني شنقول والرايا، تعود جذور الصدام المثير للقلق في إثيوبيا بين الحكومة الفيدرالية والحزب الحاكم في منطقة تيجراي الشمالية إلى احتجاجات الشارع التي أطاحت بالحكومة السابقة التي كانت تهيمن عليها “جبهة تحرير شعب تيغراي” في عام 2018.
ورغم أن التيجراي يشكلون 6% فقط من سكان إثيوبيا، فقد هيمنوا على مقاليد السياسة الوطنية بالبلاد لما يقرب من ثلاثة عقود وحتى اندلاع الاحتجاجات، كل ذلك تغير عندما أصبح آبي أحمد رئيساً للوزراء في أبريل 2018، وهو أول رئيس حكومة من عرقية أورومو، الأكبر في البلاد، وفقد التيغراي مناصب وزارية وبعض المناصب العسكرية العليا، شكت عرقيات الأورومو والأمهرة، ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، إضافة إلى مجموعات أخرى من التهميش في ظل حكم التحالف الاستبدادي القديم، وخلال الأشهر الأخيرة، اندلعت أعمال عنف عرقية ودعوات لمزيد من الحكم الذاتي في عدة أجزاء من البلاد، جائزة نوبل للسلام حاز آبي جائزة نوبل للسلام في أكتوبر 2019 لدوره في إحلال السلام مع إريتريا، وإنهاء حالة الجمود المريرة التي تعود إلى حرب حدودية من 1998 إلى 2000.
لكن الأمور كانت أقل هدوءًا على الصعيد الداخلي فبعد أسابيع من فوزه بجائزة نوبل، رفضت جبهة تحرير شعب تيغراي الانضمام إلى الحزب الحاكم الجديد لآبي، متذمرة مما اعتبرته تهميشا واستهدافا غير عادل عبر تحقيقات في شأن الفساد وعاد قادة جبهة تحرير شعب تيغراي إلى منطقتهم، ليتهمهم آبي بمحاولة زعزعة استقرار البلاد وعلى ضوء خلاف انتخابي قررت الحكومة المركزية تأجيل الانتخابات التي كان مقررا إجراؤها في أغسطس 2020 على خلفية فيروس كورونا رغم احتجاجات المعارضة، دون تحديد موعد جديد، وقرر إقليم تيغراي تحدي سلطات آبي من خلال المضي في إجراء الانتخابات الخاصة به في 9 سبتمبر، وصنفت أديس أبابا حكومة تيغراي بأنها غير قانونية، بينما لم يعد قادة تيجراي بدورهم يعترفون بإدارة آبي وكذلك قررت الحكومة تقليص الأموال الفيدرالية المخصصة للمنطقة، وهو ما عدته “جبهة تحرير شعب تيغراي” بمثابة “عمل حرب”.