مجموعات الفانو المسلحة.. حلفاء الأمس أعداء اليوم للنظام الأثيوبي
تنتمي ميلشيا فانو إلى إثنية الأمهرة، وتعد جزءا من المجموعات المسلحة غير النظامية في إثيوبيا، ولعبت دورا رئيسيًّا بجانب الجيش الفيدرالي الإثيوبي في صد تقدم الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي باتجاه الجنوب عبر منطقة أمهرة، وارتكبت هذه الميلشيا جرائم عدة ضد أبناء التيجراي، بناء على تحالف بينها وبين الحكومة الفيدرالية حينذاك.
خلال الحرب في إقليم تيجراي التي اندلعت في نوفمبر من 2020، كان ظهور ما يسمى بمجموعات "الفانو" المسلحة، والتي انحدرت من إقليم أمهرة، وهي مجموعات مسلحة تضم مليشيات ومجموعات من الشفتة، وكانت تتحرك في مختلف المناطق وعلى الشريط الحدودي بين إثيوبيا والسودان خلال فترة الحكومات الإثيوبية المختلفة من وقت لآخر.
قامت تلك المجموعات الشعبية بدعم القوات الحكومية خلال حربها في إقليم تيجراي التي استمرت لعامين، ومارست خلال تلك الفترة أبشع الانتهاكات في المنطقة، مما خلف سمعة سيئة لإثيوبيا.
وسرعان ما انقلبت على القوات الحكومية خلال فترة انسحاب الجيش الإثيوبي من مناطق عدة من إقليم تيجراي في عام 2021، ومناطق مقاطعات "ولو" في أمهرة، وظلت عقبة كبيرة تقف أمام تحركات القوات الحكومية، مما حدا برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن يتهمها في أحد تصريحاته أمام البرلمان في العام 2022، بأنها كانت تقوم بسرقة الأسلحة من القوات الحكومية في منطقة "ولو"، وتعتدي على أفراد من الجيش الإثيوبي، وأن أغلب الأسلحة الحديثة التي استوردتها الحكومة الإثيوبية لتسليح القوات الحكومية، وجدت في أيدي تلك المجموعات في إقليم أمهرة.
لكن بعد إعلان آبي أحمد عن الحوار مع التيجراي انقلب على ميلشيات فانو، وبات حلفاء الأمس أعداء اليوم، وحاولت الحكومة نزع سلاحهم وتسريحهم منفذة عمليات اعتقال ضدهم، وفي مايو 2022، وبعد تفجر أعمال عنف في إقليم أمهرة اعتقلت السلطات الإثيوبية المئات منهم، وتم القبض على عدد من الصحفيين من إقليم أمهرة خلال هذه الاضطرابات، ما جعل الحقوقيين في الإقليم ينتقدون هذه الأفعال ووصفوها بأنها انحدار كبير، خاصة وأن قانون الإعلام الإثيوبي يحظر بشكل واضح الاحتجاز السابق للمحاكمة لأي جريمة مزعومة ارتكبت.
كما شملت الاعتقالات بعض المناهضين لآبي أحمد، ما جعل المعارضين في إقليم أمهرة يتهمون آبي أحمد بأنه استغل أفعال فانو، كي يقوم بحملة اعتقالات واسعة لكل المعارضين وليس لجماعة فانو فقط، وأن الحكومة المركزية تسعى إلى السيطرة على إقليم أمهرة.
استطاعت تلك المجموعات المسلحة "الفانو" التي مكنت نفسها خلال السنوات الماضية مستغلة اندلاع الحرب في إقليم تيجراي وجزء من مناطق إقليم أوروميا، بتوفير السلاح لمقاتليها واستقطاب دعم شعبي كبير في إقليم أمهرة، تحت حجج وشعارات أن القومية مستهدفة من الحكومة ومن قوميات أخرى في البلاد.
وعلى الرغم من التحركات الحكومية ضد عناصر تلك المجموعات في مناطق أمهرة، والقيام باعتقالات عدة وسط قياداتها الشابة "زمني كاسا، وإسكندر نقا، وغيرهما"، ومقاتليها في الميادين المختلفة، وتنفيذ سلسلة من العمليات إلا أنها تزداد قوة من وقت لآخر.
وازداد الزخم الخاص بها بعد أن انضم لها عدد من السياسيين لمسارها، وتشكلت مجموعات وائتلافات وكيانات عديدة تضم أفرادا يؤمنون بأهداف ومبادئ الفانو، والذين لم تتوقف مطالبهم على حقوق سياسية فقط بل هناك مطالب عدة يطالبون بها، بعضها غير واضح المسار.
باتت تلك المجموعات مهددة لاستقرار البلاد وأمنها، وتحركاتها تتسع ما بين إقليم تيجراي وأوروميا والأراضي السودانية، مهددة بنسف اتفاقية السلام الإثيوبية التي حققت العديد من المكاسب للبلاد، على الرغم من انتقادها من مختلف القوى الأخرى داخليا.
ويتوسع نشاط المجموعة من وقت لآخر في كافة أرجاء البلاد الشمالية، وتحرك قياداتها المختلفة التي قسمت نفسها لقطاعات بحسب كل منطقة في إقليم أمهرة، معرقلة حركة المواطنين والتنمية في بعض المناطق.