هل تؤثر التوترات الإقليمية على فوز ديبي بالانتخابات الرئاسية التشادية؟
يواجه محمد إدريس ديبي، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد، تحديات كبيرة في رحلته نحو تحقيق الاستقرار وتعزيز الديمقراطية في البلاد، وساء من ناحية إدارة البلاد داخليًا وخارجيًا، خاصًة في ظل إلتهاب حرارة المنطقة بالتنافس الدولي والإقليمي، أو انتشار الجماعات المسلحة.
تشاد يمكن أن تصبح عنصر استقرار، لأنها محاطة بتوترات وصراعات إقليمية كبيرة في ليبيا والسودان وأفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى أن هناك تمددا سكانيا وعرقيا بين السودان وتشاد، فإذا لم تكن تشاد مستقرة سوف تزداد الأمور سوءا
وعلى الصعيد الإقليمي، يبرز كرهان وتحد في نفس الآن أمام الانتخابات الرئاسية وما بعدها، عدم المصالحة مع بعض الجماعات المسلحة، خصوصا جبهة التغيير والوفاق “فاكت” التي تتبنى مقتل إدريس ديبي إتنو.
وسبق لهذه الحركة أن دعت “لحمل السلاح ضد الجيش” تشادي، بعدما اتهمته في أغسطس 2023 بمقتل وجرح عدد من مقاتليها في “قصف جوي لقاعدتهم الخلفية” على الأراضي الليبية الحدودية المجاورة لدولة تشاد.
ومن ضمن السياقات المثيرة التي تأتي فيها الرئاسيات تشادية هذه المرة، قوة الاستقطاب والتنافس الدولي على البلاد بين فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا.
وقد بدت مظاهر ذلك بشكل جلي، حين دعت نجامينا مؤخرا واشنطن إلى سحب جزء من قواتها الخاصة الموجودة في البلاد، وسط حديث عن وصول قوات روسية إليها، على غرار النيجر.
وكان لافتا من قبل الزيارة التي أداها محمد ديبي إلى موسكو في يناير 2024، ومباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن التعاون الممكن بين البلدين خصوصا على الصعيد الأمني.
ويمكن تفسير خطوات التقارب تشادي مع روسيا، بكون أوساط في النظام تنظر إلى واشنطن كداعم لسيكسي ماسرا في الانتخابات الحالية، وكانت فتحت له الباب من قبل حين تأزمت علاقاته مع النظام، وصار مبحوثا عنه على خلفية الاحتجاجات القوية التي خرجت في اكتوبر 2022 للمطالبة بتنحي الجيش عن السلطة، وتسبب قمعها من طرف قوات حفظ النظام في مقتل وجرح المئات.
وقد لجأ ماسرا في بداية الأمر إلى السفارة الأمريكية في نجامينا، ثم غادر لاحقا إلى الولايات المتحدة وأمضى سنة هناك، قبل أن يعود إلى تشاد إثر وساطة من الكونغو الديمقراطية، انتهت بتوقيع اتفاق بينه والنظام في العاصمة كينشاسا.
وأما بالنسبة للحضور الفرنسي فيبدو أن علاقات محمد ديبي بساكن قصر الإليزي ما تزال جيدة، على غرار ما كانت عليه مع والده خلال عقوده الثلاثة في الحكم، بل إن من ضمن العوامل الرئيسية لبقائه طيلة هذه الفترة، الحماية التي كان يتمتع بها من فرنسا.
ومع ذلك، فإن تجارب علاقات بعض دول الجوار تشادي مع روسيا، تؤكد أن موسكو من الصعب أن تقبل بالتجاور مع باريس في نفس البلد، فإما أن يتحالف ديبي مع الدب الروسي، أو يختار الديك الفرنسي.
يذكر أن ديبي قد عين رئيسا انتقاليا، في تشاد التي تصنفها الأمم المتحدة على أنها رابع أقل البلدان نموا في العالم، من جانب مجلس مشكل من 15 جنرالا في عام 2021، بعد مقتل والده إدريس ديبي إتنو في الجبهة خلال إشرافه على معركة مع متمردين بعد 30 عاما من الحكم.
ووعد ديبي الابن بمرحلة انتقالية إلى الديمقراطية مدتها 18 شهرا، لكنه مددها لاحقا لعامين، ودُعي أكثر من 8.2 مليون للإدلاء بأصواتهم في تشاد، في انتخابات أسفرت عن فوزه.