الانتخابات التشريعية في جنوب أفريقيا.. منافسة الأحزاب نحو الديمقراطية
بدأت عملية التصويت المبكر في انتخابات التشريعية في جنوب إفريقيا يوم الاثنين الماضي، حيث يمكن لأكثر من 600 ألف مواطن من كبار السن والمعوقين والعاملين في القطاعات الحيوية وأفراد الشرطة والسجناء الذين تم تصنيفهم على أنهم غير قادرين على الحضور إلى مراكز الاقتراع أن يمارسوا حقهم في التصويت قبل يوم الأربعاء.
يوم الأربعاء، سيقوم الناخبون المسجلون في جنوب إفريقيا، البالغ عددهم 27 مليون ناخب، باختيار أعضاء البرلمان البالغ عددهم 400 نائب، وبعد ذلك سيتم اختيار الرئيس القادم من قبل النواب. وفي هذه الانتخابات، يتنافس حوالي خمسين حزباً للفوز بمقاعد البرلمان.
وفقًا لأحدث استطلاعات الرأي، يبدو أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يواجه تحديًا كبيرًا، حيث يتعرض لخطر فقدان أغلبيته البرلمانية لأول مرة في تاريخه. تشير الاستطلاعات إلى أنه قد يحصل على نسبة تتراوح بين 40 و 46 في المئة من نوايا التصويت. وهذا قد يضطره لتشكيل تحالفات للبقاء في السلطة، حيث إن البرلمان الذي ينتخب هو الهيئة التي ستختار الرئيس المقبل.
حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية"، الذي يتزعمه يولويس ماليما، يسعى للاستفادة من الغضب الشعبي ضد النخب السياسية وخاصة في صفوف الفئات الفقيرة. وفي هذا السياق، تظهر الاستطلاعات أنه يحظى بنسبة تقدر بنحو 10 في المئة من نوايا التصويت. أما التحالف الديموقراطي، الذي يعتبر واحداً من أبرز أحزاب المعارضة، فتظهر الاستطلاعات أنه يحظى بدعم يقدر بنحو 25 في المئة من نوايا التصويت.
هذا وذكرت وكالة أنباء (أسوشيتد برس) أن تلك الانتخابات يمكن أن تؤدي إلى أكبر تحول سياسي في البلاد منذ عام 1994. وأضافت الوكالة أن المواطنين في جنوب إفريقيا سيتوجهون الأربعاء لتحديد ما إذا كانت بلادهم ستتخذ أهم خطوة سياسية منذ إسقاط نظام الفصل العنصري وتحقيق الديمقراطية قبل 30 عاما.
وأشارت إلى أن هذه الانتخابات الوطنية لن تكون بنفس الأهمية التي كانت عليها انتخابات عام 1994 في جنوب إفريقيا، والتي من بعدها قاد نيلسون مانديلا، حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى النصر حيث سمح للسود في جنوب إفريقيا الذين كانوا يشكلون الأغلبية بالتصويت لأول مرة.
وكانت انتخابات 1994 بمثابة إنهاء رسمي لنصف قرن من الفصل العنصري – الذي تم فرضه بعنف وتسبب في غضب عالمي – بعد مئات السنين من حكم الأقلية البيضاء.
ورأت الوكالة أنه في حين أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لا يزال مستمرا في الحكم حتى عام 2024، إلا أن انتخابات هذا العام تأتي وسط تزايد السخط الناجم إلى حد كبير عن ارتفاع مستويات البطالة والفقر، وهو ما قد يؤدي إلى اختيار غالبية مواطني جنوب إفريقيا لحزب آخر هذا الأسبوع بدلا من الحزب الذي قادهم إلى الحرية.
ومع ذلك، أشارت (أسوشيتد برس) إلى أنه ليس من المتوقع أن يكون هناك أي تغيير شامل، مبينة أن التداعيات المحتملة معقدة لأنه على الرغم من أن العديد من استطلاعات الرأي تشير إلى أن دعم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أقل من 50%، مما يشير إلى أنه معرض لخطر فقدان أغلبيته للمرة الأولى، إلا أن أيا من أحزاب المعارضة لم يصل إلى وضع يسمح له بالتفوق عليه.
وأكدت “أنه لا يزال من المتوقع على نطاق واسع أن يكون حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أكبر حزب، متفوقا بفارق كبير على عدد متزايد من حركات المعارضة التي تفتت الأصوات الساخطة”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه دون أغلبية مطلقة، فمن المرجح أن يضطر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى إبرام اتفاقيات أو تحالفات مع أحزاب أخرى للبقاء في الحكومة وإعادة انتخاب الرئيس سيريل رامافوزا؛ وهو الأمر الذي من شأنه أن ينهي هيمنته السياسية على جنوب إفريقيا في فترة ما بعد الفصل العنصري، وينذر بعصر جديد، حيث تشارك أحزاب أخرى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الحكم.