ماذا يحدث في كينيا؟.. مشروع للميزانية يثر أزمة وتظاهرات شعبية ضد القانون
استخدمت الشرطة الكينية، يوم الخميس، الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق مجموعة صغيرة من المتظاهرين في وسط العاصمة نيروبي، وذلك بعد إعلان الحكومة سحب مشروع ميزانية جديد يتضمن زيادة الضرائب. هذا المشروع كان قد أثار احتجاجات واسعة تحولت إلى أعمال عنف دامية.
وتجمع عشرات المتظاهرين في حي الأعمال المركزي بنيروبي، في حين أغلقت الشرطة، المجهزة بمعدات مكافحة الشغب، الطرق المؤدية إلى مكتب الرئيس وليام روتو والبرلمان، وفقًا لوكالة "فرانس برس".
يوم الأربعاء، أعلن الرئيس الكيني سحب مشروع الميزانية، داعيًا إلى "تشاور وطني" مع الشباب. وقال في خطاب له: "بعد أن استمعت بعناية إلى شعب كينيا الذي قال بصوت عالٍ وواضح إنه لا يريد مشروع قانون المالية لعام 2024، فإنني أحترم رأيهم ولن أوقع عليه... سيتم سحب المشروع".
جاء هذا الإعلان بعد احتجاجات عنيفة ضد القانون المقترح، الذي قدمه الرئيس الكيني أمام البرلمان، وأدت إلى مقتل 23 شخصًا على الأقل في أنحاء البلاد، فيما يعالج 30 آخرون من إصابات بالرصاص الحي، حسب نقابة الأطباء الكينية. خلال هذه الاحتجاجات، اقتحم المتظاهرون مقر البرلمان ونهبوا وأحرقوا عدة مبانٍ، وقالت منظمات غير حكومية، بما فيها منظمة العفو الدولية، إن الشرطة استخدمت الرصاص الحي في محاولاتها للسيطرة على الحشود.
استمرار الاحتجاجات؟
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان المحتجون سيرضون بقرار الرئيس بسحب مشروع الميزانية. يواجه الرئيس روتو أزمة كبيرة منذ توليه الرئاسة قبل عامين، تتمثل في تحول حركة الاحتجاجات التي يقودها شباب "غير مسيس" من مجرد انتقادات عبر الإنترنت إلى مسيرات حاشدة تطالب بالإصلاح السياسي.
وفي ظل عدم وجود قيادة رسمية للاحتجاجات، انقسم مؤيدوها بشأن استمرارها وتوسيع نطاقها. ونقلت "رويترز" عن الناشط المدافع عن العدالة الاجتماعية، بونيفاس موانجي، قوله في منشور على إنستجرام: "يجب ألا نتصرف بغباء أثناء نضالنا لتحسين أوضاع كينيا". وأعرب موانجي عن تأييده لاحتجاجات الخميس، لكنه عارض فكرة اقتحام قصر الرئاسة والمقرات الرسمية، محذرًا من أن ذلك قد يؤدي إلى تصاعد العنف واستخدامه كذريعة لإجراءات قمعية.
بينما أعلن بعض مؤيدي الاحتجاجات أنهم لن يتظاهروا بعد سحب مشروع الميزانية، تعهد آخرون بمواصلة الاحتجاج للمطالبة بتنحي روتو.
تراجع الرئيس
في خطابه مساء الأربعاء، دافع روتو عن خططه لرفع الضرائب على سلع مثل الخبز والزيت النباتي والحفاضات، قائلاً إن هذا الإجراء سيساعد في تقليل الديون المرتفعة للبلاد، التي جعلت الاقتراض صعبًا وأدت إلى انخفاض قيمة العملة. وأكد أنه "مدرك لرفض الشعب الكبير لمشروع الميزانية، ويعتزم الدخول في حوار مع الشباب الكيني واتخاذ تدابير تقشفية، بدءًا بخفض ميزانية مكتب الرئاسة".
وأضاف روتو: "بما أننا تخلينا عن مشروع قانون الموازنة لعام 2024، فمن الضروري إجراء مشاورات كدولة في المستقبل. (...) كيف يمكننا إدارة ديوننا معًا (...) سأقترح التواصل مع شباب بلدنا، مع أبنائنا وبناتنا".
وتقول الحكومة إن هذه الضرائب ضرورية لاستعادة مرونة البلد المثقل بالديون، (يمثل الدين العام حوالى 70% من إجمالي الناتج المحلي)، وتمويل ميزانية 2024-2025 التي تبلغ بنود الإنفاق فيها 4 تريليون شلن (29 مليار دولار)، وهو رقم قياسي. في العام الماضي، قامت الحكومة بالفعل بزيادة ضريبة الدخل، والمساهمات الصحية، ومضاعفة ضريبة القيمة المضافة على البنزين.