إيكواس في مهب الريح.. مستقبل غامض يهدد غرب إفريقيا
حذّرت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في قمتها من أن المنطقة تواجه “التفكك” بعدما أعلن الحكام العسكريون في النيجر ومالي وبوركينا فاسو الانفصال عن إيكواس وتأسيس اتحاد جديد منافس.
ولم يكن واضحا بعد القمة في أبوجا كيف سيكون رد فعل التكتل حيال تبني النيجر ومالي وبوركينا فاسو معاهدة لتأسيس “اتحاد دول الساحل” في نيامي السبت، لكن رئيس مفوضية إيكواس عمر عليو توراي قال إن الدول الثلاث بانفصالها تخاطر بمواجهة “عزلة سياسية” وخسارة استثمارات بملايين الدولارات.
وأكد توراي أن انفصال النيجر ومالي وبوركينا فاسو من شأنه أيضا أن يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن وإعاقة عمل القوة الإقليمية المقترح انشاؤها منذ فترة طويلة. وحذّر من أن “منطقتنا تواجه خطر التفكك”. وبينما يواجه التكتل تحديات إقليمية، حذر توراي من أنه يواجه أيضا “وضعا ماليا مزريا”. وقال توراي، إن حرية الحركة والسوق المشتركة التي تضم 400 مليون شخص كانت من بين المزايا الرئيسية للتكتل الذي يبلغ عمره 50 عاما تقريبا، لكن هذه المزايا معرضة للتهديد إذا انسحبت الدول الثلاث. وقال إن تمويل المشروعات الاقتصادية التي تبلغ قيمتها أكثر من 500 مليون دولار في بوركينا فاسو ومالي والنيجر قد يتوقف أو يعلق أيضا.
وقال “بالنظر إلى هذه الفوائد، فمن الواضح أن التفكك لن يعطل حرية الحركة والاستيطان للناس فحسب، بل سيؤدي أيضا إلى تفاقم انعدام الأمن في المنطقة”. وأضاف أن انسحاب الدول الثلاث سيشكل ضربة قوية للتعاون الأمني خاصة فيما يتعلق بتبادل المعلومات الاستخباراتية والمشاركة في الحرب ضد الإرهاب.
ودعا الكثير من زعماء غرب إفريقيا إلى استئناف الحوار، وكانت قمة الأحد هي الأولى للرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي الذي قال في مايو إن المصالحة ممكنة. وقال ديوماي الأحد “علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لتجنب انسحاب هذه الدول الشقيقة الثلاث من إيكواس”، مضيفا أن هناك حاجة إلى إصلاحات لـ”تكييف إيكواس مع الأوضاع الراهنة”.
وناقشت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أيضا طريقة تمويل “قوة إقليمية لمكافحة الإرهاب واستعادة النظام الدستوري”. ودعت إلى إنشاء قوة أولية من 1500 جندي، وكان أحد الاقتراحات يقضي بحشد لواء من 5000 جندي بكلفة تبلغ نحو 2,6 مليار دولار سنويا.
وأكدت الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بقاء الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو في منصبه رئيسا لها، رغم التقارير التي تحدثت عن خلاف بشأن إعادة تعيينه.
وكانت الدول الثلاث أعلنت تشكيل اتحاد كونفدرالي جديد، وشكّل اجتماعها الأول قبيل انعقاد قمة إيكواس اختبارا آخر للتكتل الإقليمي الذي انفصلت عنه في وقت سابق من هذا العام. وأتى هذا التحدي بينما تواجه إيكواس أيضا عنفا آخذا في التوسع ومشكلات مالية بالإضافة إلى مصاعب في حشد قوة إقليمية.
وابتعدت هذه الدول عن فرنسا، الدولة الاستعمارية السابقة، وطردت القوات الفرنسية من أراضيها، حيث دعا رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني إلى إنشاء “مجتمع سيادي للشعوب يكون بعيدا عن هيمنة القوى الأجنبية”.
وقال تياني في اجتماع مجموعة الساحل في نيامي السبت إن شعوب الدول الثلاث “أدارت ظهرها نهائيا للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”، رافضا نداءات إيكواس للعودة إلى صفوفها.
وكان قرار الدول الثلاث بالانسحاب مدفوعا جزئيا باتهامها لباريس بالتلاعب بالجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وعدم تقديم الدعم الكافي للجهود المناهضة الجماعات المسلحة.
وتدهورت علاقة النيجر مع إيكواس عقب الانقلاب الذي وقع في يوليو 2023 وجاء بالجنرال تياني إلى السلطة، حيث فرض التكتل حينها عقوبات وهدد بالتدخل عسكريا لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم. وتم رفع العقوبات في فبراير لكن العلاقات لا تزال مضطربة. وتحكم بوركينا فاسو ومالي والنيجر أنظمة عسكرية وصلت إلى السلطة في انقلابات بين 2020 و2023 وتواجه أعمال عنف تنفذها جماعات مسلحة.