مسار المعاناة: قصة النزوح المتكرر في غزة
غزة، بقعة صغيرة على خريطة فلسطين، تحوي بين جنباتها مشاهد لا تنتهي من المعاناة والآلام.
هنا، يعيش سكان القطاع المنكوب رحلة نزوح لا هوادة فيها، تتكرر مع كل هجوم إسرائيلي جديد، هؤلاء الناس المحاصرون بين الحصار والقصف المتواصل، يجدون أنفسهم مرغمين على ترك بيوتهم والفرار إلى أماكن أكثر أمانًا، محملين ما تيسر من أمتعتهم، باحثين عن ملاذ آمن وسط مدينة تعودت على آلامها.
مشهد النزوح في غزة هو رفيق درب أهالي القطاع المنكوب، الذين يعيشون معاناتهم يومًا بعد يوم، تبدأ رحلتهم مع كل تحذير جديد، حاملين معهم ما تيسر من أمتعتهم، متوجهين من حي إلى آخر ومن شارع إلى شارع.
وتتكرر هذه المشاهد مع كل أمر إخلاء جديد تصدره إسرائيل، حيث تشتد الغارات ويتوسع توغل القوات الإسرائيلية، مما يدفع السكان للبحث عن ملاذات آمنة في مدينة.. أصبحت مألوفة بآلامها.
وتزداد الأوضاع سوءًا مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على القطاع المحاصر، وتتصاعد معاناة الأهالي بشكل يومي خاصة تزامنًا مع مأساة النزوح، يبحثون عن أي بصيص أمل أو ملاذ آمن في ظل الظروف المأساوية التي يعيشونها، وسط استمرار النزوح المتكرر الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية.
ويعيش أهالي غزة في حالة دائمة من التشرد بعد أكثر من تسعة أشهر، لا يعرفون وجهة آمنة في قطاع غزة بأكمله، من شماله إلى جنوبه، ويتردد على ألسنة النازحين الذين يعيشون نكبات متتالية وتهجيرًا مستمرًا بفعل الحرب الإسرائيلية الغاشمة: إلى أين نذهب وأين نجد الأمان؟؟.
وأعربت أم محمد، وهي سيدة نازحة من وسط قطاع غزة عن معاناتها عبر قناة "العربية" الإخبارية، قائلة: "نزحنا كثيرًا ولا نجد مكانًا نقيم فيه، وحتى لو وجدنا، لا يوجد مكان آمن في غزة بأكملها، لا يوجد شبر واحد آمن".
وتحدثت سيدة أخرى عن معاناتها، مشيرة إلى أن النزوح في غزة أمر صعب، وأنها شخصيًا نزحت للمرة السادسة قائلة: "لا نعرف إلى أين نذهب، نحن نسير نحو المجهول حقًا في ظل هذه الأوضاع"، فهل سيبقى الأمل في إيجاد ملاذ آمن بعيدًا عن العنف والتشريد هدفًا بعيد المنال.
وتتواصل مأساة النزوح في غزة لتستمر معها معاناة آلاف الفلسطينيين مع النزوح الفوضوي، حيث يتنقل الأهالي في اتجاهات متعددة دون معرفة الطريق الآمن الذي يخلو من القتال أو المناطق التي صدرت بحقها أوامر إخلاء.
ومع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة دون التوصل إلى اتفاق، تستمر مأساة النزوح في غزة، ويتعرض سكان القطاع للنزوح القسري مرارًا وتكرارًا، يعانون فيه من نقص حاد في المياه والمواد الغذائية والأدوية.
وتضاف إلى كل هذا الوضع المأساوي الموت والدمار الذي يحيط بالسكان من كل جانب، وتزداد الظروف المعيشية سوءا يومًا بعد يوم، ويعيش الأطفال.. والنساء.. والشيوخ.. في ظل ظروف قاسية، بينما يحاولون فقط البقاء على قيد الحياة في هذا القطاع المنكوب.