أسرار الأنفاق.. كيف تسعى إسرائيل للعثور على رهائنها في أعماق غزة؟
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً يتناول الأساليب التي تعتمدها إسرائيل في جمع المعلومات الاستخبارية للعثور على أسرى من قطاع غزة منذ العام الماضي.
أفاد التقرير أن المهندسين العسكريين الإسرائيليين قضوا ساعات طويلة في البحث داخل نفق بطول 650 قدماً في خان يونس، حيث تمكنوا من العثور على جثث 6 رهائن من الذين اختطفتهم حركة حماس في هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي. وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، في إعلان يوم الثلاثاء، أن الجيش الإسرائيلي، بالتعاون مع جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، انتشلوا جثث 6 أسرى من قطاع غزة في عملية مشابهة.
وأشار التقرير إلى أن العثور على الجثث جاء بعد أن قدم فلسطيني اعتقلته القوات الإسرائيلية معلومات عن موقع الجثث. وأضافت الصحيفة أن مثل هذه العمليات أصبحت أكثر تواتراً، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي عن انتشال 6 جثث جديدة في خان يونس، مشابهة لعملية سابقة في يوليو، ليصل إجمالي الجثث التي عثرت عليها إسرائيل إلى 30.
ومع ذلك، أكدت الصحيفة أن إنقاذ الرهائن أحياءً نادراً ما يحدث، نظراً لأن ذلك يتطلب معلومات استخباراتية دقيقة للغاية لتجنب الأخطاء. ومع ذلك، يصر العديد من المسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية على أن التوصل إلى اتفاق مع حماس هو السبيل الوحيد لتحرير الـ105 أسرى المتبقين، الذين يعتبر العديد منهم قد لقوا حتفهم بالفعل.
وأفادت الصحيفة بأن إسرائيل حصلت على معلومات قيمة حول حركة حماس من أجهزة الحواسيب المحمولة والهواتف والوثائق التي عثرت عليها في غزة، مستعينة بالذكاء الاصطناعي في تحليلها. كما تلقت إسرائيل دعماً أمريكياً لتعزيز إشاراتها الاستخباراتية، ولعبت المعلومات التي حصلت عليها من الفلسطينيين المعتقلين دوراً أساسياً في هذه العمليات.
وذكرت الصحيفة أن معظم الجثث التي عُثر عليها تعود لأشخاص كبار في السن تتراوح أعمارهم بين 75 و80 عاماً، وكان من الممكن أن يشملهم أي اتفاق لوقف إطلاق النار، الذي جرى التفاوض عليه لعدة أشهر دون نجاح.
كما أفادت الصحيفة بأن إسرائيل كلفت لجنة من خبراء الصحة بعد أسبوعين من هجمات السابع من أكتوبر بمهمة تحديد مصير الرهائن من خلال المعلومات الاستخباراتية السرية. وقد توصلت اللجنة إلى أن أكثر من 40 رهينة قد لقوا حتفهم بناءً على لقطات كاميرات المراقبة ومقاطع الفيديو وأدلة الحمض النووي.
ونقلت الصحيفة عن وسطاء عرب، لم يُكشف عن هوياتهم، قولهم إن زعيم حركة حماس يحيى السنوار يستخدم الرسائل البريدية فقط للتواصل، وقطع اتصالاته مع قيادة حماس بسبب عدم الثقة بعد مقتل مروان عيسى، نائب قائد الجناح العسكري لحماس في مارس.
وتطرق التقرير إلى صعوبة إنقاذ الرهائن وتحديد مواقع جثثهم، حيث يتم توزيع الرهائن على مواقع مختلفة داخل غزة، مما يجعل تحديد مواقعهم أكثر تعقيداً. وذكرت رهينة إسرائيلية مفرج عنها، تُدعى أفيفا سيغل، أنها احتُجزت في 13 موقعاً مختلفاً خلال 51 يوماً في غزة.
وأنشأت إسرائيل أيضا مديرية استخبارات خاصة برئاسة الجنرال نيتسان ألون -وهو أحد أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي في المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار- وذلك بغرض جمع وتحليل المعلومات عن الرهائن وأماكن وجودهم ووضعهم، وفي بعض الأحيان تزويد العائلات بدليل يثبت أنهم على قيد الحياة.
ومؤخرا، كشف ضابط مخابرات أميركي متقاعد أن إسرائيل تلقت أيضا مساعدات من الولايات المتحدة ساهمت في تعزيز قدرتها على اعتراض المكالمات الهاتفية في غزة في الأيام التي تلت اندلاع الحرب، مضيفة أن ما جمعته إسرائيل من معلومات مكَّنتها من تحديد أماكن احتجاز الرهائن.
كما زادت إسرائيل من استخدامها تقنية الذكاء الاصطناعي في معالجة وتحليل الكم الهائل من المعلومات المرئية والإشارات والاستخبارات البشرية الصادرة من غزة لأنها أدركت أنها لا تستطيع معالجتها يدويا، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
وطبقا للصحيفة الأميركية، فرغم ذلك التحسن في القدرات، لا تزال إسرائيل تواجه بعض التحديات في جمع المعلومات الاستخباراتية؛ من بينها أن حركة حماس تتوخى الحذر الشديد في اتصالاتها خشية أن تلتقطها أجهزة المخابرات الإسرائيلية.