غزة تحت النار.. مأساة إنسانية في سجن كبير
في الوقت الذي تتركز فيه أنظار العالم على الأحداث في جنوب لبنان وتداعياتها على العلاقات الإسرائيلية الإيرانية، تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ حملة إبادة جماعية في قطاع غزة، وبالتحديد في شماله. وفي ظل هذا الوضع، يواجه المدنيون في المنطقة ظروفًا إنسانية كارثية، مع عجز دولي واضح لإيجاد حلول للأزمة.
تواصل القوات الإسرائيلية قصفها الجوي والبري والبحري لليوم الثاني عشر على التوالي، حيث تمنع إمدادات الغذاء والمياه والدواء والوقود. منذ السادس من أكتوبر، فرض الاحتلال حصارًا مشددًا على شمال القطاع، مما زاد من تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية أصلًا، بعد العدوان المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023.
مخيم جباليا
تعتبر بلدة جباليا ومخيمها من أكثر المناطق تعرضًا للعدوان، حيث انهارت البنية التحتية وانقطعت الخدمات الأساسية. يعاني المواطنون هناك من نقص حاد في المواد الغذائية والأدوية، مما يضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الهجرة قسريًا إلى مناطق أخرى ليست أكثر أمانًا، أو البقاء والموت جوعًا أو مرضًا.
فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أشار إلى أن المدنيين في شمال غزة لم يُعطوا خيارًا سوى مغادرة المنطقة أو الموت جوعًا. كما أكد أن النظام الصحي هناك "شبه منهار"، مع عدم قدرة المنظمة على التواصل مع فرقها الميدانية بسبب انقطاع الاتصالات.
وتروي لميس العجرمي (23 عامًا) من مخيم جباليا كيف كانت محاصرة مع عائلتها، حيث تعرضت والدتها للإصابة واستشهدت أمام عينيها بسبب قصف الاحتلال. أما أبو العبد العرابيد (40 عامًا)، فقد فقد جميع أفراد عائلته في قصف عنيف على منزله.
الأوضاع في المستشفيات تتفاقم، حيث يعاني الأطباء من نقص حاد في المواد الطبية والغذائية، مما يجعلهم عاجزين عن تلبية احتياجات المرضى والمصابين. وقد دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى ضرورة إيصال الدعم الإنساني، محذرة من أن المستشفيات تكافح لتلبية احتياجاتها المتزايدة.
حذرت الأمم المتحدة من الوضع الكارثي في شمال غزة، حيث تعمل ثلاثة مستشفيات فقط في ظل عمليات عسكرية مكثفة. ويشكو برنامج الأغذية العالمي من عدم قدرته على توزيع الغذاء بسبب نقص الإمدادات، في حين تستمر قوات الاحتلال في قصف مراكز توزيع المساعدات، مما يؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا.
يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي يتجاهل جميع النداءات الدولية، ويواصل قصف المنازل والبنية التحتية، مما يجعل قطاع غزة أكبر سجن في العالم، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني في ظروف غير إنسانية تحت الحصار منذ 18 عامًا. الأرقام تشير إلى أن العدوان المستمر منذ السابع من أكتوبر أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 150 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، مع استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية.