غزة في ظل الكارثة.. صرخات الإنسانية تواجه غيوم الحرب
وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الوضع الإنساني في شمال غزة بأنه "كارثي" في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية، مما يعيق قدرة السكان على الوصول إلى الموارد الأساسية للحياة.
وأشار المكتب، وفقًا لمصادره، إلى أن ثلاثة مستشفيات فقط في محافظة شمال غزة لا تزال تعمل، ولكن بقدرة منخفضة للغاية. تعاني هذه المنشآت من نقص حاد في الوقود والأدوية ومواد علاج الصدمات، حيث يبقى حوالي 285 مريضًا داخل المستشفيات، في وقت تواصل فيه الأنشطة العسكرية محاصرتها.
من جهة أخرى، حذرت منظمة الصحة العالمية من الاكتظاظ الذي يعاني منه مستشفى كمال عدوان، الذي يستقبل يوميًا ما بين 50 إلى 70 جريحًا جديدًا، بينما لا تزال أكثر من عشرين مركزًا للرعاية الصحية الأولية مغلقة.
في سياق الإغاثة الغذائية، واصل الشركاء في المجال توزيع الإمدادات المتاحة على السكان، لكن المخزونات تتناقص بشكل خطير. في مدينة غزة، يتم توزيع أكثر من 110 آلاف وجبة يوميًا من قبل ما لا يقل عن عشرة مطابخ، بما في ذلك مطبخ جديد تم إنشاؤه الأسبوع الماضي في مخيم الشاطئ لدعم النازحين من شمال غزة.
وحذر المكتب الأممي من أن نقص الطعام أصبح حادًا، مشيرًا إلى أن معظم المخابز ستضطر إلى الإغلاق مرة أخرى في غضون أيام قليلة إذا لم تتلق إمدادات إضافية من الوقود. وقد شهد الأسبوعان الأولان من شهر أكتوبر حركة واحدة فقط من أصل 54 حركة منسقة إلى الشمال عبر حاجز الرشيد، حيث تم رفض 85% من الطلبات لأسباب لوجستية أو أمنية.
فيما يتعلق بالصحة العامة، تتواصل حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة، حيث أكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية على أهمية الالتزام بفترات الهدن الإنسانية لضمان وصول المساعدات إلى الأطفال المحتاجين. وقد أفادت منظمة الصحة العالمية بأنه تم تطعيم حوالي 93 ألف طفل دون سن العاشرة في اليوم الأول من الحملة، بينما قامت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) بتطعيم 43% من الأطفال الذين تمكنت من الوصول إليهم.
تتزايد المخاوف من تفاقم الوضع الإنساني في غزة مع استمرار الأعمال العسكرية، مما يستدعي ضرورة التدخل الفوري لضمان سلامة وحياة السكان.
واشنطن تؤكد: رسالتنا لإسرائيل ليست تهديدًا بل دعوة لتحسين الوضع الإنساني في غزة
أكد جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، أن الرسالة التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل بشأن تحسين الوضع الإنساني في غزة ليست تهديدًا بتقليص المساعدات العسكرية.
وفي مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، رد كيربي على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن مستعدة لتقليص الدعم العسكري إذا لم تلتزم إسرائيل بتحسين الظروف الإنسانية، قائلاً: "لم تكن هذه الرسالة تهديدًا، بل تشير إلى شعورنا بالحاجة الملحة لزيادة المساعدات الإنسانية". وأكد أن هذا ليس أول تذكير من الولايات المتحدة لإسرائيل حول هذا الأمر، معربًا عن أمله في عدم الحاجة للعودة لهذا الموضوع مجددًا.
في وقت سابق، أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، أبلغا إسرائيل بضرورة وقف المساعدات العسكرية إذا لم تتوقف عن منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة خلال 30 يومًا. وأكد المسؤولون الأمريكيون أنه إذا استمرت القيود، فإن الإدارة الأمريكية ستفعل "مذكرة الأمن القومي"، التي قد تمنع توريد الأسلحة إلى إسرائيل بموجب "قانون المساعدات".
وتشير المذكرة الصادرة في مارس الماضي إلى اشتراطات لاستمرار نقل المساعدات العسكرية الأمريكية، بما في ذلك تعهد إسرائيل بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية وعدم تقييدها.
بينما تتأخر واشنطن في تسليم بعض المعدات العسكرية، أعلن "البنتاغون" وصول مكونات منظومة الدفاع الجوي الصاروخي "ثاد" إلى إسرائيل، والتي ستدخل الخدمة في الأيام المقبلة.