غزة تحت الحصار.. صراع قانوني ودولي حول تجويع السكان واتهامات بالإبادة الجماعية
رفضت رئيسة النيابة العسكرية العامة الإسرائيلية، يفعات تومر يورو شالمي، خلال مشاركتها في اجتماع لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست، تجويع سكان شمال قطاع غزة، معتبرة أن هذه الممارسات تتناقض مع القوانين الدولية، وذلك في إطار التصريحات التي وردت في تقرير صحيفة "يسرائيل هيوم".
الموقف الإسرائيلي من السيطرة على المساعدات الإنسانية
في سياق الأزمة المستمرة في قطاع غزة، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في جلسة للجنة الشؤون الخارجية والأمن في سبتمبر الماضي، قوله إن السيطرة على المساعدات الإنسانية لغزة ستكون جزءًا أساسيًا من أي خطوة تُتخذ في التعامل مع الوضع في القطاع.
ومع ذلك، تتزايد المخاوف داخل إسرائيل من فرض عقوبات دولية عليها بسبب العمليات العسكرية التي تنفذها في شمال غزة، وتواجه الدولة العبرية اتهامات متزايدة بتعمد تجويع السكان في هذه المنطقة، في إطار الضغط على المقاومة الفلسطينية.
النيابة العسكرية: تجويع السكان مخالف للقانون الدولي
في هذا السياق، أكدت النيابة العسكرية الإسرائيلية أن تجويع السكان في شمال قطاع غزة يعد انتهاكًا للقانون الدولي. وأوضحت أن القانون الأمريكي ينص على أن "من يبقى في المنطقة بعد السماح للمدنيين بالمغادرة يعد إرهابيًا"، إلا أن النيابة ترى أن ذلك لا يبرر تجويع السكان في غزة. وقالت إن مقترحات الجيش الإسرائيلي التي تتضمن التهجير والإخلاء لا يمكن أن تكون مبررًا لهذه الممارسات.
النقد الداخلي والخارجي لسياسة الجيش الإسرائيلي
على الرغم من هذا الموقف القانوني من النيابة العسكرية، اتهم النائب الإسرائيلي عاميت هليفي هذا الموقف بأنه "موقف متطرف" لا يستند إلى أسس قانونية صحيحة. وتساءل عن ما إذا كانت الهيئة العسكرية قد قدمت للحكومة أو للمستوى العسكري مواقف قانونية بديلة، معتبرًا أن موقف النيابة قد يعطل خطط الجنرالات.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أخلى مرارًا سكان شمال قطاع غزة، ومنع وصول المساعدات الغذائية إلى المنطقة، بزعم أن من يبقى في تلك المنطقة يعتبر "إرهابيًا". إلا أن هذا السلوك قوبل بانتقادات دولية شديدة، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، التي عبر وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن عن قلقهما إزاء هذه السياسة، وهددا تل أبيب بعقوبات قد تشمل حظر تسليح.
التهديدات الأمريكية بعقوبات
ورغم الضغوط الدولية، فإن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أكدت أنها ستعمل على رفع أي حظر عسكري فرضته إدارة جو بايدن على إسرائيل فور دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وفقًا لما نقلته صحيفة "يسرائيل هيوم".
وفي مواجهة هذه الانتقادات، رد رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي في مناقشة بالكنيست، قائلًا إن زيادة المساعدات الإنسانية قد تؤدي إلى تأخير سير العمليات العسكرية، مما يعرض حياة الجنود الإسرائيليين للخطر. بينما أكد متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الخطط التي يتم نسبها إلى الجنرالات لم يتم تقديمها إلى الجهات العسكرية المعنية أو تقييمها بشكل رسمي.
اتهامات بالإبادة الجماعية
من جانب آخر، وصف عضو الكنيست الإسرائيلي عوفر كاسيف ما يحدث في غزة بأنه "إبادة جماعية"، مؤكدًا أنه لن يصمت تجاه هذه الممارسات. وأضاف كاسيف أن السلطات الإسرائيلية تحاول إسكات الأصوات المعارضة، إلا أن الانتقادات لهذه السياسة تزداد.
حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة
يستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث أودت العمليات العسكرية بحياة 43,712 شخصًا وأصابت 103,258 آخرين، حسبما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في أحدث إحصائية لها.
وتستمر الأزمة في غزة وسط ضغوط دولية متزايدة على إسرائيل، حيث تتفاقم الاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي، في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملياته العسكرية في القطاع، ما يثير المزيد من القلق بشأن مستقبل المنطقة ومستقبل العلاقات الدولية لإسرائيل.