ترحيل المهاجرين وتضخم الأسعار.. معادلة صعبة تهدد مستقبل الاقتصاد الأمريكي
خلال حملته الانتخابية، أطلق الرئيس الأمريكي المنتخب وعدين رئيسيين: تخفيض أسعار المواد الأساسية وترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين. يبدو للوهلة الأولى أن هذين الأمرين غير مرتبطين، لكن الحقيقة تظهر أن هناك صلة وثيقة بين هذين الوعدين، خاصة عندما نأخذ بعين الاعتبار واقع قطاع الزراعة في الولايات المتحدة.
الاعتماد الكبير على العمال المهاجرين غير النظاميين
قطاع الزراعة في الولايات المتحدة يعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة غير النظامية. وفقًا للإحصاءات، يشكل المهاجرون غير النظاميين نحو 41% من العمال في هذا القطاع، مقارنةً بـ 36% من الأمريكيين و23% فقط من المهاجرين النظاميين. هذه النسب تشير إلى أن العديد من المزارع في الولايات المتحدة تعتمد بشكل كبير على هذه الفئة من العمالة.
تأثير الترحيل على الإنتاج الزراعي
إذا تم ترحيل هؤلاء العمال كما وعد الرئيس المنتخب، فإن ذلك سيؤدي إلى تقليص عدد العمال المتاحين في قطاع الزراعة، وهو ما يعني انخفاضًا في حجم ونوعية الإنتاج الزراعي. ويترتب على ذلك نقص في بعض المواد الأساسية في الأسواق، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار. هذا الوضع سيؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للأمريكيين، الذين قد يواجهون صعوبة في الحصول على السلع الأساسية بسبب الارتفاع الحاد في أسعارها.
زيادة التضخم
من المعروف أن الولايات المتحدة تعاني في الوقت الحالي من معدلات تضخم قياسية، وهي الأعلى في العقود الأربعة الأخيرة. وإذا تمت عملية الترحيل كما هو مقرر، فقد يساهم ذلك في زيادة معدلات التضخم بشكل أكبر. المسؤولون في قطاع الزراعة يعبّرون عن قلقهم من أن نقص العمالة سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج، وبالتالي ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، مما سيجعل الوضع الاقتصادي أكثر صعوبة للمواطن الأمريكي.
أزمة كورونا كدليل
المزارعون في الولايات المتحدة يستعيدون الذكريات الصعبة التي عاشوها أثناء أزمة كورونا، حيث أدت القيود التي فرضتها الجائحة إلى تراجع الإنتاج في العديد من المزارع. تلك الفترة شهدت انخفاضًا في المعروض من مواد أساسية مثل الحليب، البيض، ومشتقات الألبان، مما أجبر المحلات التجارية على رفع الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، تم فرض قيود على الكميات التي يمكن للمستهلكين شراءها، وهو أمر غير مألوف في الأسواق الأمريكية.
عدد المهاجرين غير النظاميين في أمريكا
تشير الإحصائيات إلى أن هناك حوالي 11 مليون مهاجر غير نظامي يعيشون في الولايات المتحدة. فيما يرى الرئيس المنتخب وفريقه أن الحل الأمثل للتعامل مع هذه الأزمة هو تنفيذ أكبر عملية ترحيل للمهاجرين غير النظاميين في التاريخ الأمريكي، وهو ما يثير قلق العاملين في قطاع الزراعة، الذين يخشون من تأثير هذا القرار على إنتاجهم وأسعار المواد الأساسية.
رغم أن وعد الرئيس المنتخب بتخفيض الأسعار وترحيل المهاجرين غير النظاميين قد يبدو غير مرتبطين في البداية، إلا أن الواقع يثبت أن الترحيل قد يساهم في زيادة التضخم وارتفاع الأسعار بسبب الاعتماد الكبير على العمالة المهاجرة غير النظامية في قطاع الزراعة. وفي حال حدوث ذلك، سيكون هناك تأثير سلبي كبير على قدرة الأمريكيين على الحصول على المواد الأساسية بأسعار معقولة.