شتاء غزة.. أمطار تهدد حياة الملايين ومياه الصرف تلاحق النازحين
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في تقرير نشرته اليوم الإثنين، أن الأمطار الشتوية في قطاع غزة، التي بدأت في منتصف نوفمبر الجاري، تمثل تهديدًا كبيرًا لسكان القطاع الذين يعانون من ظروف قاسية جراء العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من عام. وحذر مسؤولو الإغاثة في غزة من أن الأمطار يمكن أن تؤدي إلى طوفان من مياه الصرف الصحي، مما يزيد من معاناة مئات الآلاف من النازحين الذين يعيشون في خيام لا توفر الحماية من البرد أو العناصر الطبيعية.
وبحسب الصحيفة، يعيش أكثر من 1.9 مليون نازح من أصل 2.3 مليون نسمة في غزة، في ظل ظروف قاسية بعد الهجمات الإسرائيلية على القطاع في 7 أكتوبر من العام الماضي. أكثر من مليون شخص من هؤلاء النازحين يعيشون في خيام في منطقة المواصي الساحلية الرملية في جنوب غزة، حيث يواجهون نقصًا حادًا في البنية التحتية الأساسية مثل أنظمة الصرف الصحي، ما يجعلهم مضطرين لاستخدام حفر في الأرض كمراحيض.
وتشير الصحيفة إلى أن فصل الشتاء في غزة، الذي يمتد من نوفمبر حتى فبراير، هو أكثر فترات العام هطولًا للأمطار. ووفقًا للأمم المتحدة، يُقدر أن حوالي نصف مليون شخص في مختلف أنحاء غزة يعيشون في مناطق معرضة للفيضانات، حيث يمكن أن تغمر مياه الصرف الصحي هذه المناطق بمجرد بدء هطول الأمطار. لويز واتريدج، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أكدت أن مياه الصرف الصحي تتراكم في المناطق المنخفضة، ما يجعل الظروف الصحية خطيرة للغاية.
وتناولت الصحيفة قصة حسن عبد الله، أحد النازحين من شمال غزة، الذي يعيش في خيمة متهالكة مع تسعة من أفراد أسرته في المواصي. وقد اضطر حسن إلى حفر حفر في الرمال لاستخدامها كمراحيض، ويخشى أن تؤدي الأمطار إلى غمر الخيمة بمياه الصرف الصحي، مما يعرض ممتلكاتهم البسيطة للتلف ويزيد من خطر انتشار الأمراض.
كما تناول التقرير الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية نتيجة النقص الحاد في الإمدادات بسبب القيود المفروضة على وصول المساعدات إلى غزة. فقد انخفض عدد شاحنات المساعدات القادمة إلى غزة بشكل كبير، حيث لم تتجاوز الشاحنات التي دخلت في أكتوبر 37 شاحنة يوميًا، مقارنة بـ500 شاحنة كانت تصل في الفترة السابقة للحرب. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل غير مسبوق، حيث تراوحت أسعار البطانيات من 50 إلى 100 دولار، في حين تحتاج الخيمة المتهالكة التي يعيش فيها حسن إلى 800 دولار من الأقمشة المشمعة لتحويلها إلى خيمة مقاومة للماء.
وقالت واتريدج إن الأمم المتحدة تواجه صعوبة كبيرة في توفير الإمدادات الإنسانية الضرورية لسكان غزة، حيث تتراكم شاحنات المساعدات بالقرب من حدود غزة بسبب القيود المفروضة على مرورها. وأضافت أن الشحنات من المرتبات والبطانيات لا تزال عالقة في الطريق، وإذا استمر معدل دخول المساعدات الحالي، قد يستغرق الأمر عامين لتلبية احتياجات السكان الأساسية.
وفي وقت يشهد فيه قطاع غزة أزمة إنسانية حادة، تواصل إسرائيل نفي وجود أزمة إنسانية في القطاع، وتؤكد أنها تضمن وصول المساعدات إلى غزة. ومع ذلك، فإن مسؤولي المساعدات والمراقبون الدوليون يعتقدون أن الوضع سيزداد سوءًا مع بدء الأمطار الشتوية، حيث لن تؤدي فقط إلى تفاقم الأوضاع الصحية نتيجة انتشار الأمراض، بل تزيد من معاناة السكان المنهكين من الجوع وسوء التغذية.
وفي هذا السياق، حذرت لجنة الخبراء الدولية المعنية بمراقبة الأمن الغذائي من أن قطاع غزة يواجه خطر المجاعة، خصوصًا في شمال غزة، حيث الحملة العسكرية الإسرائيلية مستمرة، ومنعت القوات الإسرائيلية وصول الغذاء والمساعدات بشكل شبه كامل.