اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

أزمة تمويل.. شبح الملاريا يهدد العالم

الملاريا
الملاريا

أثار قرار الولايات المتحدة بوقف تمويل جهود مكافحة الملاريا عالميًا مخاوف جدية بشأن التداعيات الصحية المحتملة، حيث حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من أن هذا القرار قد يؤدي إلى وفاة 107 آلاف شخص إضافي خلال عام 2025، فضلًا عن تفشي المرض على نطاق أوسع، مما يهدد الملايين، خاصة في الدول الفقيرة.

تراجع المكتسبات الصحية
لطالما لعبت الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في مكافحة الملاريا، حيث ساهمت خلال العقدين الماضيين في منع 2.2 مليار إصابة وإنقاذ 12.7 مليون شخص من الوفاة. ولكن مع إعلان وقف التمويل، يحذر غيبريسوس من انتكاسة قد تعيد معدلات الإصابة إلى مستويات مقلقة، حيث يُتوقع تسجيل 15 مليون إصابة جديدة هذا العام وحده، ما يعكس تراجعًا كارثيًا عن التقدم المحرز خلال السنوات الماضية.
الأطفال والنساء الحوامل في دائرة الخطر
يشكل القرار الأمريكي تهديدًا مباشرًا للفئات الأكثر ضعفًا، خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، التي تتحمل 94% من الإصابات و95% من الوفيات. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2024، شهد العام الماضي تسجيل 263 مليون حالة إصابة بالملاريا عالميًا، مع 597 ألف وفاة، معظمهم من الأطفال دون سن الخامسة، الذين يمثلون 76% من إجمالي الضحايا في المنطقة.
أهمية التمويل الأمريكي وتأثير غيابه
لطالما اعتمدت برامج مكافحة الملاريا على دعم مالي أمريكي يقدر بنحو مليار دولار سنويًا، موزعًا عبر مبادرة الرئيس للملاريا (PMI) والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا. ولكن مع قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير 2025 بتجميد تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وتقليص مساهمات الولايات المتحدة في الصندوق العالمي، تواجه هذه الجهود انتكاسة خطيرة، قد تعيق توفير الناموسيات المعالجة بالمبيدات، والأدوية المضادة للملاريا، واللقاحات الجديدة مثل RTS,S وR21/Matrix-M، التي بدأ تطبيقها في 17 دولة إفريقية.
تصاعد التحديات الصحية وسط أزمات أخرى
إلى جانب تراجع التمويل، تواجه جهود مكافحة الملاريا تحديات إضافية مثل زيادة مقاومة الأدوية والمبيدات الحشرية، وانتشار النزاعات والتغيرات المناخية التي تهيئ بيئة خصبة لتكاثر البعوض. ويعني ذلك أن توقف الدعم الأمريكي لا يهدد الأرواح فحسب، بل يعرقل إمكانية السيطرة على المرض في المستقبل، مما قد يؤدي إلى تفشي أوبئة جديدة تتجاوز الحدود الإقليمية.
دعوات لاستئناف التمويل والمسؤولية الدولية
في ظل هذه التطورات، دعا غيبريسوس الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في قرارها، مشددًا على أن دعم الصحة العالمية ليس فقط مسؤولية إنسانية، بل هو استثمار في الأمن الصحي الدولي، حيث يسهم في الحد من انتشار الأوبئة، ويحمي حتى الدول المتقدمة من تفشي الأمراض.

الملاريا تختبر قدرة العالم على الاستجابة
يضع هذا القرار المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لالتزامه بالصحة العالمية، حيث إن أي تراجع في التمويل قد يؤدي إلى أزمة إنسانية تتجاوز حدود إفريقيا، وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء في معركة امتدت لعقود ضد أحد أكثر الأمراض فتكًا في العالم.

موضوعات متعلقة