تركيا على صفيح ساخن بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول بتهم الإرهاب

شهدت تركيا تطورات سياسية متسارعة بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي يعد أبرز منافسي الرئيس رجب طيب أردوغان. وقد بررت السلطات التركية هذه الخطوة بتوجيه تهم تتعلق بالفساد ودعم جماعة إرهابية، إلا أن المعارضة اعتبرت الاعتقال تحركًا سياسيًا يهدف إلى إقصاء إمام أوغلو عن المشهد الانتخابي ومنعه من تحدي أردوغان مستقبلاً.
وأكد مكتب المدعي العام في إسطنبول أن محكمة تركية قررت التحفظ على شركة "إمام أوغلو للإنشاءات والتجارة والصناعة"، التي يملكها إمام أوغلو جزئيًا، وذلك استنادًا إلى تقارير تحقيقات مالية تتعلق بجرائم الفساد.
صراع على النفوذ في إسطنبول
لم يكن إمام أوغلو مجرد رئيس بلدية عادي، بل كان أحد أكثر الشخصيات السياسية نفوذًا وشعبية في تركيا، خاصة بعد نجاحه في انتزاع بلدية إسطنبول من سيطرة حزب العدالة والتنمية في انتخابات 2019، وفوزه بولاية ثانية في الانتخابات البلدية لعام 2024 بنسبة 51.14%، متفوقًا على مرشح الحزب الحاكم. هذا الفوز عزز مكانته كخصم قوي لأردوغان، الذي يسعى منذ إعادة انتخابه عام 2023 لاستعادة سيطرة حزبه على إسطنبول، المدينة التي كانت بوابته إلى السلطة عندما تولى رئاسة بلديتها في التسعينيات.
اعتقال يثير الغضب والاحتجاجات
أثار اعتقال إمام أوغلو موجة من الغضب والاحتجاجات في عدة مدن تركية، حيث خرج الآلاف للتنديد بما وصفوه بـ"محاولة انقلاب سياسي" ضد رئيس البلدية المنتخب ديمقراطيًا. كما اعتقلت السلطات التركية نحو 100 شخص آخرين على صلة بإمام أوغلو، من بينهم رئيسا بلدية إسطنبول المنتخبان، رسول عمرة شاهان ومراد جاليك، في حملة وصفتها المعارضة بأنها محاولة لترهيب القيادات المناوئة للحكومة.
وتزامن الاعتقال مع انتشار مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، أظهرت طوقًا أمنيًا مكثفًا حول منزل إمام أوغلو، حيث ظهرت قوات مكافحة الشغب وعشرات المركبات الأمنية، مما زاد من حدة الجدل حول دوافع الاعتقال وأبعاده السياسية.
دوافع سياسية أم قضية قانونية؟
بينما تؤكد السلطات أن الاعتقال يستند إلى تحقيقات في قضايا فساد وتمويل جماعات غير قانونية، ترى المعارضة أن التوقيت يعكس مخاوف الحكومة من تصاعد نفوذ إمام أوغلو قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. فبعد أن أصبح أحد أبرز الوجوه المعارضة، بات يُنظر إليه على أنه مرشح قوي قادر على تحدي أردوغان في المستقبل.
يضع اعتقال إمام أوغلو المعارضة التركية أمام اختبار جديد، حيث يتعين عليها الرد بفعالية على ما تعتبره "استهدافًا سياسيًا" لمنافسها الأبرز. التحركات الشعبية والمظاهرات التي شهدتها عدة مدن تركية عقب اعتقاله تعكس حالة الغضب المتزايدة بين أنصاره، لكن يبقى السؤال: هل تستطيع المعارضة تحويل هذا الغضب إلى ضغط سياسي حقيقي قد يغير المعادلة؟
وفي ظل هذا التصعيد، يبدو أن المواجهة بين السلطة والمعارضة ستزداد حدة، خاصة إذا استمرت الاحتجاجات وتصاعد الضغط الداخلي والدولي على الحكومة التركية للإفراج عن إمام أوغلو وإجراء تحقيقات شفافة في قضيته.