اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

مفاوضات غير مباشرة بين طهران وواشنطن برعاية سلطنة عمان

الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي
الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي

في خضم التوترات الإقليمية والدولية المتصاعدة، برزت سلطنة عمان مجددًا كلاعب دبلوماسي محتمل لإعادة تحريك عجلة المفاوضات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، وفقًا لما أعلنه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، يوم الإثنين.
وسيط موثوق بين طهران وواشنطن
أكد بقائي أن سلطنة عمان تُعد المرشح الأبرز للاضطلاع بدور الوساطة في حال استئناف المفاوضات، مشيرًا إلى أن للسلطنة تاريخاً حافلاً في تسهيل الحوار بين الجانبين، حيث أدت أدوارًا مماثلة في مراحل سابقة من الأزمة النووية. ورأى بقائي أن "عمان أثبتت في أكثر من مناسبة أنها طرف محايد وجدير بالثقة".
كما أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لعب دورًا مماثلاً سابقًا، لا سيما عبر جهوده في سياق الاتفاق النووي لعام 2015، إلا أن الواقع السياسي الحالي يفتح المجال أمام دور إقليمي أكثر فاعلية تقوده سلطنة عمان.
إشارات تهدئة أم تصعيد؟
في موازاة ذلك، أعلن بقائي عن تواصل تم بين وزير الخارجية عباس عراقجي والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، حيث تم التعبير عن مخاوف إيران من التطورات الأخيرة، والتذكير بالتزامات الوكالة تجاه حماية المنشآت النووية الإيرانية من التهديدات.
كما تم منح الموافقة الأولية على زيارة غروسي إلى طهران، على أن يُحدد موعدها لاحقًا، في خطوة توحي بمحاولة إعادة قنوات التعاون التقني بين إيران والوكالة، وسط ضغوط أميركية وإسرائيلية متزايدة.
إيران ترد على التصعيد الأميركي والإسرائيلي
ورداً على تقارير إعلامية نُسبت إلى مسؤولين أميركيين حول رغبة واشنطن في مفاوضات مباشرة، أكدت طهران عبر بقائي تمسكها بخيار المفاوضات غير المباشرة، معتبرة المقترح الإيراني "منطقيًا وسخيًا"، مشيرة إلى أنها ما زالت بانتظار الرد الأميركي الرسمي.
وكانت وكالة "رويترز" قد نقلت عن مصدر إيراني كبير تحذيرات وجهتها طهران إلى عدد من الدول الإقليمية – بينها العراق والكويت وقطر والإمارات وتركيا والبحرين – مفادها أن أي دعم يُقدم لعدوان أميركي ضد إيران سيُعتبر عملاً عدائيًا، وقد يعرّض هذه الدول لعواقب وخيمة. طهران نفت هذه التصريحات، لكنها لم تُخفِ حساسية موقفها الأمني في ظل التهديدات المتصاعدة.
وتأتي هذه التحركات في ظل تصعيد أميركي واضح تمثل بتهديدات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بقصف إيران "بشكل غير مسبوق" في حال فشل التوصل إلى اتفاق. وقد رد المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بأن بلاده ستُوجّه "صفعة قوية" إذا ما نُفّذت تلك التهديدات.
كما كشف بقائي عن تلقي خامنئي رسالة من ترمب في مارس الماضي، تتضمن مهلة مدتها شهران للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، وقد جاء الرد الإيراني رافضًا المفاوضات المباشرة، مع الإبقاء على خيار المحادثات غير المباشرة مفتوحًا.
يُذكر أن الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة"، كان قد أوقف مؤقتاً تقدم إيران في تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات الدولية. لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 في عهد ترمب، وعودة العقوبات، دفع إيران إلى خرق العديد من القيود المفروضة على برنامجها النووي، ما زاد من تعقيد المشهد.
وفي وقت تستمر فيه طهران في نفي سعيها لصناعة سلاح نووي، حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخراً من أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة تقترب من حدود الاستخدام العسكري (90%).
ما بين الوساطات الإقليمية، والضغوط الغربية، والتهديدات العسكرية، تقف المفاوضات النووية الإيرانية على مفترق طرق جديد. وإذا ما تمكنت سلطنة عمان من تجديد دورها كقناة تواصل فعالة، فقد نشهد عودة تدريجية إلى الطاولة، لكن بنهج مختلف، وإيقاع تحكمه الحسابات الإقليمية والدولية المتشابكة.

موضوعات متعلقة