اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

تحذيرات بولندا من خطر تاريخي.. تصريحات ترامب حول أوكرانيا تثير قلقاً في وسط أوروبا

روسيا
روسيا


في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التوسط لإنهاء الحرب في أوكرانيا، حذرت بولندا من خطر "ارتكاب خطأ تاريخي" إذا ما أسفرت مفاوضات ترامب عن الاعتراف بمطالب روسيا المتعلقة بالسيادة على شبه جزيرة القرم والمناطق التي سيطرت عليها موسكو منذ بداية الحرب في فبراير 2022. هذا التحذير يأتي في سياق القلق المتزايد في أوروبا الوسطى من نتائج محادثات السلام التي قد تؤدي إلى تغييرات غير قانونية في الحدود الأوروبية، وهو ما قد يشكل تهديداً للأمن الإقليمي.
في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز"، أشار باول كوال، مستشار رئيس الوزراء البولندي لشؤون أوكرانيا ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البولندي، إلى أن الاعتراف القانوني بالحدود الروسية الممتدة نتيجة لغزو أوكرانيا سيكون بمثابة تجاوز لـ "خط أحمر" بالنسبة لبولندا وبقية دول وسط أوروبا. وأضاف أن هناك فارقاً واضحاً بين "الحلول المؤقتة" التي قد تساعد في إنهاء القتال وبين تقديم "التطلعات الروسية" بالاعتراف الرسمي بشبه جزيرة القرم أو دونباس أو أجزاء أخرى من أوكرانيا.
وأشار كوال إلى أن تمكين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من توسيع حدود "روسيا الإمبريالية" سيكون له تداعيات خطيرة، مؤكداً أن "الأمر سيكون مخيفاً" على المدى الطويل. وأضاف أن التجربة التاريخية لدول أوروبا الوسطى، بما في ذلك بولندا، تدل على أن ضمانات قانونية دولية للحدود الأوروبية تمثل الركيزة الأساسية للحفاظ على السلام في المنطقة.
منذ يناير 2023، كانت بولندا تراقب بقلق تصريحات ترامب المنتقدة لحلفاء الناتو، وخاصة انتقاداته المتواصلة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بينما كان يشيد بنظيره الروسي فلاديمير بوتين. هذا الموقف يثير قلق وارسو التي لا تزال تتذكر ماضيها الصعب خلال الحرب العالمية الثانية والفترة السوفيتية التي قسمت البلاد بين ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي.
ورغم تصريحات ترامب التي استبعدت القادة الأوروبيين من مفاوضات السلام الأخيرة مع موسكو وكييف، يرى كوال أنه من "الصعب للغاية" مناقشة الأمن في أوكرانيا بمعزل عن الأمن العام في وسط أوروبا. إذ أن أي تغيير في الحدود الأوكرانية سيكون له تأثيرات مباشرة على استقرار المنطقة بأسرها.
أكد كوال أن الولايات المتحدة يجب أن تلتزم بتقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين، وهو ما سيكون عاملاً حاسماً في إعادة إعمار أوكرانيا بعد انتهاء الصراع. وفي حين أن السياسيين قد يظنون أن الضمانات السياسية يمكن فصلها عن الضمانات التجارية والعسكرية، إلا أن الشركات الأمريكية لن تستثمر في إعادة إعمار أوكرانيا دون ضمانات جدية للأمن، وهو ما يجعل موقف الولايات المتحدة مهماً للغاية.
تعد بولندا واحدة من أبرز داعمي أوكرانيا في الحرب الحالية، حيث قادت المساعدات العسكرية في بداية الغزو الروسي وأصبحت البوابة الرئيسية للاجئين الأوكرانيين إلى الاتحاد الأوروبي. مع ذلك، أكد رئيس وزراء بولندا دونالد توسك أن وارسو ستواصل تقديم الدعم اللوجستي لأوكرانيا، ولكنها لن تشارك في مهمة دولية لحفظ السلام عبر نشر جنود بولنديين، وذلك لضمان عدم إضعاف الجيش البولندي الذي يشكل خط الدفاع الأساسي ضد تهديدات روسيا ووكيلتها بيلاروس.
في إطار هذه الاستراتيجية، أكدت بولندا في وقت سابق على تعزيز الدفاعات الجوية في أراضيها بعد الهجمات الروسية على غرب أوكرانيا، حيث أقلعت طائرات بولندية وحليفة لضمان سلامة المجال الجوي البولندي.
أشار كوال إلى ضرورة أن تركز الجهود الأوروبية والأمريكية على "الدعم التكتيكي الفوري" لأوكرانيا، محذراً من استغلال روسيا للوقت خلال مفاوضات السلام التي يقودها ترامب. وبينما يعكف القادة الأوروبيون على مناقشة التحالفات المستقبلية بعد الصراع، فإن الأولوية يجب أن تكون للمساعدة في "إنقاذ الأراضي الأوكرانية في الوقت الحالي"، قبل التفكير في ترتيبات ما بعد الصراع.

موضوعات متعلقة