اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارونرئيس التحرير أحمد نصار

غزة وإيران وسوريا تتصدر مباحثات نتنياهو وترامب في واشنطن

ترامب ونتنياهو
ترامب ونتنياهو

تشكل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، حيث يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب، محطة محورية في مسار العلاقات الأميركية–الإسرائيلية، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والتحديات الثنائية، وعلى رأسها الرسوم الجمركية الأميركية، وتصاعد الحرب على غزة، والتطورات الجيوسياسية في سوريا، والقلق المشترك من البرنامج النووي الإيراني.
الاقتصاد في قلب السياسة
الشق الاقتصادي من الزيارة يتمحور حول الرسوم الجمركية البالغة 17%، والتي تعتزم الولايات المتحدة فرضها على بعض السلع الإسرائيلية، وهو ما اعتبرته تل أبيب تهديداً مباشراً لاتفاقية التجارة الحرة الموقعة منذ أربعة عقود. وعلى الرغم من أن إسرائيل سبقت الزيارة بخطوة استباقية تمثلت في إلغاء ما تبقى من الرسوم على المنتجات الأميركية، فإن هذه المبادرة لم تلقِ بظلالها الكافية على قرارات ترمب.
تشير خلفية الاتصال المشترك بين نتنياهو ورئيس وزراء المجر فيكتور أوربان بترمب، إلى مسعى دبلوماسي متعدد الأطراف للتأثير على القرار الأميركي، خاصة في ظل تحالفات إسرائيل الجديدة في أوروبا الشرقية، واستعداد بعض قادتها لدعم سياسات إسرائيل في غزة والمحافل الدولية، بما في ذلك قرار أوربان بالانسحاب من اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية.
معركة مستمرة في ظل حسابات إقليمية ودولية
من الواضح أن الزيارة تتجاوز الجوانب الاقتصادية لتدخل في عمق الملفات الأمنية والعسكرية، إذ تأتي في سياق استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وتبرر إسرائيل تصعيدها العسكري بأنه جزء من استراتيجية الضغط لاستعادة رهائنها المحتجزين لدى حركة "حماس"، بينما تؤكد الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية حجم الكارثة الإنسانية، حيث تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين 50 ألفاً خلال 18 شهراً، في وقت لا يزال فيه نحو 59 إسرائيلياً محتجزين، يُعتقد أن عدد الأحياء منهم لا يتجاوز العشرين.
المحادثات غير المباشرة الجارية بوساطة دولية تصطدم بجدار الصراع على الأهداف: إذ تطالب "حماس" بانسحاب إسرائيلي كامل من غزة، فيما ترفض تل أبيب أي حل لا يتضمن نزع سلاح الحركة وتفكيك بنيتها العسكرية.
جدلية الحوار والتهديد
من الملفات الشائكة الأخرى التي تفرض نفسها بقوة، البرنامج النووي الإيراني. وبينما يميل ترمب إلى خيار "المحادثات المباشرة" كوسيلة للضغط على طهران للتخلي عن مشروعها النووي، فإن نتنياهو يتحفظ على جدوى مثل هذه الخطوات، رغم حرصه على عدم معارضة حليفه الأميركي علناً. ويأتي هذا في وقت تُكثف فيه إسرائيل من استعداداتها لاحتمال توجيه ضربات عسكرية، ما يعكس استمرار حالة "الشك الاستراتيجي" تجاه نوايا إيران.
توازنات متغيرة في حلبة مضطربة
أما الملف السوري، فيكشف عن تباين واضح في الرؤى بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بالدور التركي. فبينما تصر إسرائيل على الحفاظ على منطقة منزوعة السلاح في جنوب غرب سوريا لمنع أي تهديد على حدودها، تُبدي قلقاً متزايداً من النفوذ التركي المتنامي في دعم الحكومة السورية الجديدة. ويبدو أن هذا التوتر ينعكس في التصعيد العسكري الإسرائيلي، حيث شنت إسرائيل خلال الأيام الماضية سلسلة من الغارات الجوية على مواقع داخل الأراضي السورية، بما في ذلك مدينة الكسوة قرب دمشق، وتوغلت في مناطق جنوب سوريا مثل نوى وتسيل.
ورغم ذلك، يواصل ترمب وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه "صديق"، ما يعكس اختلاف أولويات بين الإدارتين الأميركية والإسرائيلية تجاه تركيا، خصوصاً في ظل التداخل المعقد للمصالح في سوريا.
دبلوماسية الضرورة وسط شبكة مصالح متشابكة
تُعد هذه الزيارة الأولى لنتنياهو بعد إعلان ترمب عن رسوم جمركية عقابية على عشرات الدول، ما يضفي على اللقاء طابعاً خاصاً من حيث التوقيت والدلالة. كما أنها أول لقاء بين الزعيمين بعد تنصيب ترمب، ما يرمز إلى متانة العلاقة الشخصية والسياسية بين الطرفين، رغم التوترات في بعض الملفات.
وبالتالي، لا يمكن قراءة هذه الزيارة بمعزل عن السياق الإقليمي المضطرب والتحولات في ميزان القوة الدولي، فبينما تسعى إسرائيل لتأمين دعم أميركي مطلق في قضايا الأمن والسياسة، تحاول إدارة ترمب استخدام أدوات الضغط الاقتصادية لفرض أجندتها التجارية، مما يضع العلاقات الثنائية أمام اختبار جديد لمعادلة "التحالف الاستراتيجي" في زمن المصالح المتغيرة.

موضوعات متعلقة