الهولوكوست الفلسطيني المفتوح
نتابع في هذه الأيام العصيبة فصول هولوكوست جديد ممتد ومفتوح أمام بصر العالم، لم يحدث مثيل لها منذ الحرب العالمية الثانية. ويختلف عن الهولوكوست الأولى من حيث الجاني والضحية ولكنه يتشابه في الظروف والأهداف. ونعرض باختصار لاوجه التشابه والإختلاف بين المحرقتين على وقع الفصل الحالي من الهولوكوست الفلسطيني.
الهولوكوست الأول تمثل في الإضطهاد والقتل الممنهج للتخلص من اليهود في أوروبا بالإبادة الجماعية من جانب النظام الألماني النازي ( 1933 – 1945). أما الهولوكوست الثاني فهو الإضطهاد والقتل الممنهج للتخلص من الفلسطينيين منذ العام 1947 وحتى اليوم عبر عشرات المذابح والحروب التي تعرض لها الفلسطينيون على يد الاحتلال الإسرائيلي والتي تستهدف الإبادة الجماعية قتلا او تهجيرا.
المحرقتان تتفقان في الأهداف، والتي كانت في الأولى إبادة اليهود ضمن خطة "الحل النهائي لمسألة اليهود" في اوروبا. وأصبحت في الثانية إبادة الفلسطينيين ضمن خطة (تصفية القضية الفلسطينية). وتتشابهان في الظروف: (الحرب العالمية الثانية، والحروب والإعتداءات المتكررة على فلسطين طوال 7 عقود) كما تتشبهان إلي حد كبير في الوسيلة وهي النار المباشرة في الأولى والنيران المتفجرة في الثانية بالإضافة إلي الحصار والتجويع ومنع الدواء والغذاء والماء والوقود والكهرباء، والدمار الشامل. بل أن وصف المحرقة ذكره نائب وزير الدفاع الإسرائيلي متان فيلنائي، الذي توعّد الفلسطينيين، بــ"محرقة أكبر" عام ٢٠٠٨، وقد زادت الوسائل المستخدمة في الهلوكست الفلسطيني حيث وظفت إسرائيل مختلفة أنواع الأسلحة العسكرية، والأسلحة المدنية (الحصار ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود) لإبادة الفلسطينيين، حيث أسقطت إسرائيل على غزة 25 ألف طن من المتفجرات منذ 7 اكتوبر الماضي لتدمير البشر والحجر والشجر، وهو ما يزيد عن قوة القنبلتين النوويتين التي ألقتها واشنطن على هيروشيما وناغازاكي، بحسب المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان. وقد لخص كل ذلك وزير التراث الإسرائيلي، الحالي، بقوله إن أحد خيارات إسرائيل، هو "إسقاط قنبلة نووية" على غزة.
كما تتفق المحرقتان في أساس العداء وهي نظرية تفوق جنس او فئة من الناس على بقية البشر، ففي الأولى كان تفوق عرق الشعب الألماني» التي اعتنقتها النازية. وفي الهلوكست الفلسطيني لا تغيب نظرية التفوق الممزوجة بالقدرات "الخارقة الممنوحة لليهود من الرب"، حيث ينظر اليهود إلى الشعوب الأخرى على أنهم (غوييم) أي الجنس الأدنى الذي يجب تسخيره لخدمة اليهود كونهم شعب الله المختار حسب معتقداتهم، والتي تتضمن أيضا أن دماء غير اليهود على اليهود حلال. من هذا المنطلق وصف وزير الحرب الإسرائيلي الحالي، الفلسطينيين بالحيوانات البشرية!!
وتطبق إسرائيل هذه النظرية بأشكال عديدة ، فهي تحافظ على تفوقها العسكري على بقية دول المنطقة وهي الدولة الوحيدة بالمنطقة التي تمتلك السلاح النووي دون أن تخضع منشآتها النووية لرقابة دولية، وفي الوقت نفسه لا تسمح لاي دولة اخرى بالمنطقة بامتلاك السلاح النووي. ولم تنفذ إسرائيل أياً من قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين، ولم تحدد حدودها الجغرافية ضمن رؤيتها بأن البلاد مستباحة لهم والعباد مسخرون لخدمتها.
وكما كانت العنصرية منطلقا في المحرقة الأولى، نجدها ممارسة أساسية في الثانية فقد اقامت إسرائيل جدارا ، لعزل المدن والقرى الفلسطينية عن المناطق التى يقيم فيها اليهود، كما أنها التى تشرعن العنصرية الدينية بعد اقرار الكنيست لقانون يهودية الدولة وتمارس مختلف أشكال التمييز والفصل العنصري ضد الفلسطينيين.
أما أوجه الاختلاف بين المحرقتين فتكمن في عدة نقاط: أولا أن الهولوكوست الأول تم في الخفاء، أما الهولوكوست الفلسطيني فيحدث امام عيون العالم والعجيب ان المجني عليه في الاول (اليهود) اصبح هو الجاني في المحرقة الثانية!!.
ثانيا أن الهولوكوست الفلسطيني لم يمارسه فرد او حزب معين كما حدث في النوع الأول، وانما تمارسه دولة الاحتلال بكامل عدتها وبدعم دول أخرى في مقدمتها الولايات المتحدة. كما يتواطئ معها العديد من شبكات الإعلام وسائل التواصل الاجتماعي التي تحجب مشاهد القتل والتدمير الاسرئيلي وتقييد أي مناصرة لحق الفلسطينين في التحرر الوطني!
ثالثا أن ارقام الضحايا لم تستند الى وثائق من خارج اليهود في الأولى، في حين أن أعداد الضحايا في الثانية تنقلها كاميرات العالم وترصدها وتوثقها العديد من الوسائل المحايدة