من أركان الإسلام.. لماذا أمرنا الله بالصيام في شهر رمضان؟
شرع الله تعالى علينا الصيام في شهر رمضان، وجعله فرضًا من فرائض الإسلام، لا لأجل الجوع والعطش وإنما هناك مقاصد وأهداف وحكم كثيرة وعظيمة لا تدرك عقولنا المحدودة إلا البعض منها، حيث يهل هذا الشهر العظيم علينا بأسراره العجيبة وفوائدة الجلية لو أدركها الإنسان وتأمل في معانيها لعلم فضل الله العظيم عليه وعلى الناس.
ما الحكمة من صيام شهر رمضان؟
أولًا الصيام وسيلة للتحلي بالتقوى:
قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" البقرة:183.
وهنا إذا امتنع الإنسان عن جميع المباحات في صيامة من شراب وطعام وجماع، طمعًا في مرضاة الله، وخوفًا من غضبه وعقابه، يسهل حينئذ عليها الامتناع عن الْمُحَرَّمات في كل وقت وحين، وكذلك يحقق الصيام للمسلم تقوى الله تعالى من خلال تعويده على الإكثار من الطاعات، فالإنسان في رمضان يجتهد في الصلاة خاصة قيام الليل والتهجد والتراويح وقراءة القرآن والذكر وصلة الأرحام وغيرها من الطاعات، فبذلك تتعود النفس على الطاعات ويسهل الاستمرار عليها بعد رمضان، ولكن ذلك يحتاج إلى عزيمة وصدق.
من حكم شهر رمضان تذكير الصائم بإخوانه الفقراء والمساكين:
قال الله تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ " (النساء:36).
قال الإمام الكمال بن الهمام رحمه الله في كتابه فتح القدير: يأتى الصوم ثالث ثالث أركان الإسلام، حيث شرعه الله سبحانه وتعالى لفوائد عظيمه ومنها الرحمة والعطف على المساكين، إنَّه لما ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات، ذكر مَنْ هذا حالُه في عموم الأوقات، فتسارع الرقة عليه.
وقال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه لطائف المعارف: " وسئل بعض السلف: لِمَ شُرِع الصيام؟ ، قال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الجائع.
وفي الصيام يقول سبحانة وتعالى "الصيام فيه قهر للشيطان":
تعتبر وسيلة الشيطان لإغواء بني آدم هي الشهوات، وتقوى هذه الشهوات بالأكل والشرب، والصيام يضيِّق مجاري الدم، فتضيق مجاري الشيطان، فتسكن وساوسه ويُقهر بذلك، فعن صفية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ " (رواه البخاري).
والصيام مدرسة خلقية كبرى:
إن الصيام مدرسة خلقية كبرى يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة، منها جهاد النفس، ومقاومة للأهواء ونزغات الشيطان التي قد تلوح له، والصيام يعود الإنسان على الصبر، وأيضًا يعلمه على النظام والانضباط، ويدربه على الأمانة، ومراقبة الله في ظاهره وباطنه، إذ لا رقيب على الصائم إلا الله،
وينمي عاطفة الرحمة والأخوة والشعور بالتضامن والتعاون بين المسلمين.
بالإضافة إلى أن الصيام يكسب المسلم عفة اللسان؛ لأن الصائم يُمسك عن الرفث والصخب، ومجازاة من سبه، ومجاراة من سفه عليه، فعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ " (رواه البخاري ومسلم.