سقوط السياسة الأمريكية في غرب أفريقيا.. الفشل يسيطر على واشنطن
منذ فترة طويلة، كانت الولايات المتحدة تعتبر نفسها شريكًا رئيسيًا في تعزيز الاستقرار والتنمية في العالم، ولكن تعتبر غرب أفريقيا منطقة حيوية حيث تم تحقيق النجاحات وتكبدت الفشل في سياسات الخارجية الأمريكية. تتسم المنطقة بتنوعها الثقافي واللغوي والديني، إلا أنها تعاني من التحديات الهائلة في مجال الأمن والتنمية.
مع ذلك، يعتبر السؤال المحوري: لماذا أخفقت السياسة الأمريكية في تحقيق النجاح في غرب أفريقيا؟ يمكن تقديم عدة عوامل لتفسير هذا الفشل.
تفشي النزاعات وعدم الاستقرار السياسي: يُعد غرب أفريقيا منطقة تشهد تحديات كبيرة في مجال الاستقرار السياسي والأمني، حيث تعاني العديد من الدول من نزاعات مسلحة داخلية، وتتسم بضعف في الهياكل الحكومية والتحديات الاقتصادية. هذا الوضع يجعل من الصعب على الولايات المتحدة تنفيذ سياسات فعالة تحقق النتائج المرجوة.
تشهد غرب أفريقيا تنافسًا متناميًا بين القوى العالمية، مثل الصين وروسيا، والتي قد تكون أكثر كفاءة في تحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية في المنطقة. هذا التنافس قد يقلل من تأثير الولايات المتحدة ويقيّد قدرتها على التأثير في السياسات المحلية والإقليمية.
تواجه الولايات المتحدة صعوبة في التواصل مع الشعوب المحلية في غرب أفريقيا بسبب الفجوة الثقافية واللغوية. قد تكون الخبرة والفهم العميق للثقافة واللغات المحلية أمرًا حاسمًا في تصميم السياسات الناجحة في هذه المنطقة.
تواجه العديد من دول غرب أفريقيا تحديات كبيرة في مجال التنمية الاقتصادية وتحسين معايش الشعوب. قد تكون سياسات الولايات المتحدة في المنطقة غير كافية لمواجهة هذه التحديات بشكل فعّال، مما يؤدي إلى فقدان الثقة والدعم من الشعوب المحلية.
تجعل تداخل المصالح الدولية والتحالفات الإقليمية الصعبة للولايات المتحدة تحقيق أهدافها في غرب أفريقيا، حيث قد تضطر لتواجه تحالفات معقدة أو تقديم تنازلات سياسية للشركاء الإقليميين.
قد يكون التداخل في الشؤون الداخلية للدول المعنية والتحالفات المعقدة مع الأطراف المحلية عاملاً آخر في فشل السياسة الأمريكية. التحالفات والمصالح المتناقضة قد تجعل من الصعب على الولايات المتحدة تحقيق أهدافها بشكل فعّال.
وتزداد كثافة النفوذ العسكري الأمريكي في العمق الإفريقي وخاصة في منطقتَي البحر الأحمر والقرن الإفريقي بالتزامن مع ارتفاع مستوى التهديدات الأمنية في بيئة البحر الأحمر، والتي تبلورت في ثلاث ظواهر، هي: العَسْكَرة، وتصاعُد الإرهاب، والقرصنة البحرية؛ وفي سياق موازٍ تصاعدت التهديدات الاقتصادية المرتبطة بأمن الطاقة العالمي، وأمن التجارة الدولية.
وقد أعاد الرئيس الأمريكي جو بايدن التأكيد على الالتزام الأمريكي حيال الشركاء الأفارقة بالانخراط في بعض القضايا والأزمات السياسية، وذلك لاستعادة المكانة الإستراتيجية الأمريكية عَبْر "مقاربة أمنية" جديدة، خاصة في ظل قرار إعادة القوات الأمريكية إلى الصومال في مايو 2022، وإقرار مجلس الشيوخ الأمريكي تشريعاً لشراكة أمنية مع صومالي لاند في يونيو 2022.