تضامن الشباب: تفاعلات الحرم الجامعي ودعم القضية الفلسطينية في أمريكا
في خطوة مبهرة، قررت مجلة "تايم" الأمريكية أن تكرس غلاف عددها الأسبوعي للتفاعلات الحالية داخل الجامعات الأمريكية، وذلك انتصاراً للقضية الفلسطينية.
وبعد سبعة أشهر من بدء طوفان الأقصى، تسعى المجلة لإلقاء الضوء على هذا الحدث الملحمي، وترسيخ التضامن مع الشعب الفلسطيني، وتحت عنوان "انتفاضة الحرم الجامعي"، استخدمت "تايم" صوراً من مصورين صحفيين طلاب في جامعات مختلفة، بما في ذلك الجامعات التي منعت وسائل الإعلام المهنية من التواجد، لتروي قصة هذا الحراك الجامعي القوي.
ما كشفته هذه الحركة الجامعية في أمريكا هو الدعم الغير مسبوق للقضية الفلسطينية من قبل الطلاب، فقد شهدت الجامعات الأمريكية في هذا الربيع مظاهرات واحتجاجات متزايدة، احتجاجاً على الأوضاع المأساوية في قطاع غزة.
وباستلهام حملة الثمانينيات لسحب الاستثمارات من نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، يجسد المتظاهرون الحاليون جيلًا جديدًا من النشطاء، يتميزون بارتداء الكوفيات والعيش في الخيام، ويبرز هذا الحراك الجديد الفجوة الجيلية في رؤية الشباب الأمريكي للقضية الفلسطينية، حيث يميل الشباب الذين لم يشهدوا سوى احتلال إسرائيل للضفة الغربية وحصار غزة إلى دعم الفلسطينيين بشكل أكبر من الأجيال السابقة، تجسدت قصة هذا الحراك في جامعة جورج واشنطن، حيث أصبحت الحركة التضامنية ملحوظة بشكل خاص.
في إحدى الليالي، قرعت الطبول في المعسكر المؤيد للفلسطينيين داخل الحرم الجامعي، مشعلةً حماس المشاركين، وبينما اجتمع الناس حول الخيام، كان جيمس دويلسون، طالب في السنة الثانية، يلقي خطابًا مؤثرًا عن آثار الاحتلال الإسرائيلي وحقوق الإنسان في فلسطين، وقد تجاوب الطلاب بحماس وتفاعل كبير مع الخطاب، معبرين عن دعمهم للقضية الفلسطينية.
وتعكس هذه التفاعلات في الحرم الجامعي الشغف والعزيمة القوية للشباب الأمريكي في دعم القضية الفلسطينية والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وقد استخدم الطلاب وسائل التواصل الاجتماعي والحملات الحراكية لنشر الوعي وجذب الانتباه إلى الأوضاع في فلسطين.
هذا النشاط الجامعي المتنامي يشير إلى تحول في النظرة العامة للشباب الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، يعكس هذا التحول تغيرًا في الديناميكية السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة، حيث يعبر الشباب اليوم عن اهتمامهم بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان على الصعيدين المحلي والعالمي.
ومع ذلك، تواجه الحركة التضامنية الفلسطينية أيضًا تحديات وانتقادات، فهناك أطراف تروج للتعصب والتحيز، وتحاول تجنيب الحركة التضامنية صفة الحياد.، ومع ذلك يظل الشباب الملتزمون بالقضية الفلسطينية قويين ومستعدين لمواجهة هذه التحديات.
وفي قلب جامعة برينستون، علت أصوات الاحتجاجات، ظل المخيم قائمًا رغم العواصف المحيطة، وتضاعف عدد الطلاب المنادين بسحب الاستثمارات من إسرائيل، وبقى النضال مستمرًا حتى يوم 30 أبريل، حيث تفاقمت التوترات واعتُقل 13 عشر متظاهرًا مؤيدًا للفلسطينيين، وفي 3 مايو بدأ ما لا يقل عن اثني عشر طالبًا إضرابًا عن الطعام كرد فعل على رفض الإدارة المشاركة في مفاوضات سحب الاستثمارات.
وفي جامعة نورث وسترن، تجمع بضع عشرات من الطلاب اليهود في 26 أبريل، لغناء الأغاني العبرية تحت المطر بالقرب من المعسكر المؤيد للفلسطينيين، وأثناء هذا التجمع، قال مايكل سايمون، المدير التنفيذي لشركة Northwestern Hillel، "إن هذا النشاط جاء ردًا على الضيق الذي شعر به بعض الطلاب بسبب الأحداث على الحرم الجامعي"، وأضاف أنه كان بمثابة فرصة لجمع الطلاب اليهود معًا والاحتفال كمجتمع في ظل التطورات الراهنة.
وتعتبر جامعة نورث وسترن واحدة من الجامعات الرائدة التي توصلت إلى اتفاق مع المتظاهرين في معسكرها، وبموجب هذا الاتفاق، يُسمح للمتظاهرين بالاحتفاظ بخيمة واحدة محملة بإمدادات المساعدات حتى نهاية الربع في يونيو، كما وافقت الجامعة على توفير المزيد من الشفافية بشأن استثماراتها وتقديم دعم إضافي للطلاب وأعضاء هيئة التدريس من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمسلمين.
أشار ماركوس، شاب في العشرينات من عمره، إلى أهمية الصحافة الطلابية في فهم الأحداث في حرم الجامعة، وشارك ماركوس تفاصيل عن فرع حركة "الصوت اليهودي من أجل السلام" في جامعة نورث وسترن، الذي كان جزءًا من التحالف الداعي لسحب الاستثمارات.
ويُذكر ماركوس أن العديد من زملائه الطلاب كانوا حاضرين في المخيم، لكنه ألقي الضوء أيضًا على آراء الطلاب اليهود الذين قد لا يوافقون على رسالة المعسكر.
تعد تجربة المصورة الصحفية، شارلوت كين، واحدة من اللحظات المؤثرة التي شكلت نظرتها لهذه الأحداث، حيث بدأت القصة عندما شعرت كين بالانزعاج بشكل خاص، عندما شاهدت مقطع فيديو، وصورة التقطها أقرانها من شرطة الولاية، وهم يمسكون برقبة أحد المتظاهرين بيد واحدة، وهو ما وصفته بأنه "أمر صادم"، ولم تجد تفسيرًا لهذا التصرف المفاجئ، فيما عجزت إدارة السلامة العامة في تكساس عن تقديم توضيحات حول هذه الممارسات المثيرة للقلق.
ولم تتمكن شارلوت، من تجاهل مشاهد الصراخ، واستخدام رذاذ الفلفل على أقرانها من الصحفيين، وكان من الصعب عليها مشاهدة أشخاص آخرين يتعرضون للإهانة بهذه الطريقة، وشعرت بالقلق تجاه استغلال ألم شخص ما من خلال تصويره في وضع ضعيف، ومع ذلك، أدركت كين أن مهمتها كصحفية هي توثيق ما حدث للمحتجين، وأن المتظاهرين الذين كانوا في المخيم يواجهون خطرًا أكبر بكثير، وبالرغم من أن الصحافة الطلابية كانت تُستهدف أيضًا، إلا أنها شعرت بالأمان أكثر بكثير مقارنة بالمتظاهرين.
وكانت تجربة كين لا تزال تحتفظ بتأثيرها حينما شهدت تجدد العنف في جامعة كاليفورنيا، وفي هذا الحدث، تعرض أربعة مراسلين من طلاب الجامعة للهجوم من قبل متظاهرين مختلفين، كما ترك العديد من الطلاب المتظاهرين في المعسكر ينزفون دون تدخل فوري من قبل الشرطة.