المغرب تحتفل بيوم أفريقيا.. القارة السمراء في قلب الملك محمد السادس
يشكل يوم 25 مايو من كل عام، مناسبة خاصة يحتفل فيها دول القارة الإفريقية بيوم أفريقيا، وهو يوم سنوي يرمز إلى الحرية والتحرير القاري. يعتبر هذا اليوم ذكرى تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية، التي أصبحت فيما بعد الاتحاد الأفريقي، وتعكس قيم التضامن والتعاون بين دول القارة.
ويمثليوم أفريقيا الذكرى السنوية لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية في 25 مايو 1963، عندما وقعت 32 دولة أفريقية مستقلة الميثاق التأسيسي في أديس أبابا بإثيوبيا. في عام 2002، تحولت منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي. يُحتفل بيوم أفريقيا في جميع أنحاء العالم، حيث يعكس هذا اليوم قيم التضامن والتعاون بين دول القارة الإفريقية.
ومن جانبه، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إن السياسة الإفريقية للملك محمد السادس تعد "سياسة انتماء ومبادرة، والتزام راسخ بالتفاؤل الإفريقي، وتركز على الإنسان والتوجه نحو الإجابات الإفريقية لتحديات القارة".
وشدد بوريطة، خلال كلمته بمناسبة "يوم إفريقيا" المنظم بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بالرباط، على أنه إذا كان الملك محمد السادس "قد وضع إفريقيا في صلب الأولويات الدولية للمغرب، فإن ذلك راجع لإيمان جلالته الراسخ بإفريقيا".
وسجل الوزير، في معرض حديثه عن "معالم الرؤية الإفريقية" للملك"، أنه "حينما كان البعض يتحدث عن اليأس في إفريقيا، كان يستكشف القدرات. وحينما كان البعض يختار الحلول السهلة، كان يدعو إلى معالجة عميقة من أجل تطوير حلول مستدامة. وحينما كان الكثيرون يرون المشاكل، كان يرى الفرص".
وأوضح، في هذا السياق، أن "التفاؤل الإفريقي للمغرب هو كذلك براغماتية إفريقية، ترتكز على حقيقة موضوعية مفادها أن القارة تزخر بكل المؤهلات للبروز كأحد الأقطاب الكبرى للنمو العالمي، مؤكدا أن إفريقيا ستنجح في ذلك".
وذكر بوريطة بالرسالة التي وجهها الملك إلى القمة الـ 27 للاتحاد الإفريقي، والذي أكد فيه أن "إفريقيا، التي طالما تم إهمالها، أصبحت اليوم فاعلا لا يمكن تجاهله. لقد ولى الزمن الذي لم تكن فيه إفريقيا أكثر من مجرد موضوع في العلاقات الدولية. بل إنها صارت قارة تؤكد وجودها، وتتقدم وتتحمل مسؤولياتها على الساحة الدولية، كطرف فاعل وجدير بالاحترام في النقاش الدائر حول الحكامة العالمية".
من جهة أخرى، أضاف الوزير أن الرؤية الملكية للسياسة الإفريقية للمغرب تقوم على 'الثقة في التعاون جنوب -جنوب، مشددا على الحاجة إلى أجوبة إفريقية للتحديات الإفريقية".
ولفت الانتباه إلى أنه في الواقع، بالنسبة للملك، "فإن بروز إفريقيا رهين بقدرتها على أخذ زمام أمرها بيدها وتقديم إجابات خاصة بها وملائمة ومبتكرة ومتجددة لتحدياتها، وهي الإجابات التي ينبغي أن يفكر فيها الأفارقة من أجل الأفارقة".
وفي هذا السياق، أكد الوزير أن "هذه الرؤية الملكية تولي مكانة بارزة لمبدأ التنمية المشتركة جنوب - جنوب، متضامنة ومستدامة، والتعاون الإفريقي، مذكرا بأن المغرب تجمعه بإفريقيا شبكة تعاقدية مكثفة".
وأضاف أن هذه الشبكة تقوم على أزيد من 1500 آلية للتعاون تربط المملكة بأكثر من 80 بالمائة من البلدان الإفريقية، وتغطي مجالات متنوعة مثل التعليم العالي وتكوين الأطر، والصحة والبنيات التحتية والطاقات المتجددة والتطهير ومياه الشرب.
وذكر بوريطة أنه "يتم على صعيد البلدان الإفريقية الشقيقة بجميع أنحاء القارة تنفيذ الكثير من المشاريع السوسيو - اقتصادية الكبرى" التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تتوجه أساسا نحو التنمية البشرية.
وأشار الوزير إلى أن السياسة الإفريقية للملك تقوم أيضا على "الدينامية وروح المبادرة، خصوصا في إطار دبلوماسية العمل والزخم".
كما أشار بوريطة إلى أن "الرؤية الملكية تستند أيضا على سياسة الانتماء وليس الجوار، لأن إفريقيا، بحسبه، ليست مجرد جوار بالنسبة للمغرب، بل هي أرض الانتماء الهوياتي والجغرافي والثقافي والتاريخي".
وفي معرض حديثه عن "مركزية العنصر البشري في سياسة الملك تجاه إفريقيا"، أكد الوزير على أن "نهضة إفريقيا سيحملها الأفارقة، وأن الرأسمال البشري يشكل أكبر ثروة بالنسبة للقارة".
وأبرز بوريطة، بمناسبة هذا اليوم المنظم تحت شعار "التعليم كرافعة حقيقية للتنمية والتحول في إفريقيا"، أن معالم الرؤية الإفريقية للملك تنطبق تماما على قضية التعليم في إفريقيا.
وأشار إلى أن التزام المغرب في مجال التعليم ليس التزاما وطنيا فحسب، بل هو التزام قاري أيضا، مذكرا بأن المملكة وضعت برامج للتبادل لتعزيز تقاسم المعارف والممارسات الجيدة في هذا المجال.
وأضاف بوريطة، أن "المغرب استثمر في تعزيز البنيات التحتية التعليمية في إفريقيا وجهز نفسه ليصبح اليوم وجهة مفضلة للطلبة الأفارقة، معتبرا أن هذا الأمر يعد مبعث فخر وتواضع في آن واحد".
وقال إنه "خلال الموسم الجامعي 2023-2024، كان من دواعي سرورنا استقبال مؤسساتنا الجامعية لـ1.592 طالبا إفريقيا ينحدرون من 43 دولة، منهم عدد كبير من الحاصلين على منح دراسية من الدولة المغربية".
وأوضح الوزير أن الطلبة الأفارقة متواجدون في جل جهات المغرب، بما في ذلك العيون والداخلة، مشيرا إلى أن نحو أزيد من 3000 طالب من 36 دولة إفريقية يقيمون حاليا في الأحياء الجامعية والداخليات بالمغرب.
وفي المجال الدبلوماسي، استفاد حوالي 240 دبلوماسيا إفريقيا، منذ عام 2014، من الدورة الدولية في الدبلوماسية التي تقدمها الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية، كما استفاد 83 دبلوماسيا إفريقيا من دورة التكوين الأولي.