المرأة والتعليم في الإسلام: فاطمة الفهري ونموذج جامعة القرويين
”اطلبوا العلم ولو في فاس”.. جامعة القرويين منارة العلوم والمخطوطات الإسلامية
تعد جامعة القرويين منارة مضيئة في تاريخ العالم العربي والإسلامي، حيث تعكس تقاليد التعلم العريقة والإرث الثقافي العميق. لا يزال تأثيرها الدائم يلهم الأجيال ويعزز قيمة المعرفة والسعي وراء الفكر، على مدى أكثر من ألف عام، بقيت القرويين رمزًا للتنوير والحكمة، وشاهدًا حيًا على التراث الفكري الزاخر للعالم العربي والإسلامي.
تأسيس جامعة القرويين.. ركيزة التعليم الإسلامي الأولى
جامعة القرويين تأسست على يد فاطمة الفهري، وهي امرأة مسلمة متدينة وثرية، في عام 859 م، هاجرت مع أختها مريم من القيروان "تونس حاليًا" إلى فاس، وبعد وفاة والدهم ورثوا ثروة كبيرة، فقررت فاطمة استثمار نصيبها من الميراث في بناء مسجد لمجتمعها. تطور هذا المسجد، الذي سمي بالقرويين، بسرعة ليصبح أحد المراكز التعليمية البارزة في العالم الإسلامي.
على مر القرون الماضية، شهدت "القرويين" توسعًا كبيرًا على المستويين البنائي والأكاديمية، فتم توسيع مسجد القرويين وتطويره ليصبح مدرسة، والتي تطورت بدورها إلى جامعة، وفي العام 1963 م تم الاعتراف بهذا التحول رسميا، بدمج جامعة القرويين في نظام الجامعات الحكومية الحديثة في المغرب.
وبالنسبة لمبنى المسجد، يعد بحد ذاته معلمًا مهمًا يجسد الهندسة المعمارية المغربية والإسلامية التاريخية، حيث يتضمن عناصر من فترات مختلفة من تاريخ المغرب.
كما تتميز المكتبة بتفاصيل زخرفية أندلسية رائعة تشمل الأخشاب المنحوتة والجبس المحفور والمآذن الحجرية والبلاط الأزرق والأبيض والنوافير الرخامية المذهلة، ويعكس تصميم المكتبة جمالية رائعة مع صفوف من الأقواس المستديرة التي تضفي طابعًا فريدًا وجماليًا على المكان.
وشهد مجمع الجامعة إضافات وتجديدات واسعة النطاق في القرنين الثاني عشر والثامن عشر، يعد مبنى المسجد في حد ذاته مجمعًا مهمًا للهندسة المعمارية المغربية والإسلامية التاريخية، ويضم عناصر من فترات مختلفة من التاريخ المغربي.
نقل المعرفة والثقافة الإسلامية.. دور جامعة القرويين كمركز تعليمي
تتميز جامعة القرويين بتركيز أكاديمي قوي على العلوم الدينية والقانونية الإسلامية، حيث تولي اهتمامًا كبيرًا لقواعد اللغة العربية الكلاسيكية واللغويات والشريعة المالكية. يُعتبر المذهب المالكي، أحد المذاهب الأربعة الرئيسية في الفقه الإسلامي السني، من المحاور الرئيسية التي تدرسها القرويين. يعود هذا المذهب إلى مالك بن أنس في القرن الثامن، ويمارس في أجزاء واسعة من العالم الإسلامي.
بالإضافة إلى التركيز على الدراسات الإسلامية، تقدم القرويين أيضًا دروسًا في مواضيع غير إسلامية، مما يعكس التزام الجامعة بتقديم تعليم شامل يلبي الاحتياجات المتنوعة لطلابها.
لطالما كانت القرويين أحد المراكز الروحية والتعليمية الرائدة في العالم الإسلامي، حيث ساهمت بشكل كبير في مجالات اللغة والأدب والفلسفة وعلم الفلك والطب، بالإضافة إلى الشريعة الإسلامية والفقه. كانت الجامعة ركنًا أساسيًا في تعزيز المذهب المالكي، وساعدت في ترسيخ مكانته بين المذاهب الإسلامية الأخرى. على مدى أكثر من ألف ومئة عام، كانت القرويين رائدة في تقديم المعرفة والتعليم في العالم الإسلامي.
إرث العلم والبحث.. دور جامعة القرويين في تثبيت التراث الإسلامي
تمتد تأثيرات جامعة القرويين إلى ما هو أبعد من العالم العربي والإسلامي، حيث لعبت دورًا مهمًا في تعزيز التبادل الثقافي ونقل المعرفة بين المسلمين والأوروبيين خلال العصور الوسطى. وكانت القرويين أيضًا من أوائل المؤسسات التعليمية التي منحت درجات علمية، وهي ممارسة انتشرت لاحقًا واعتمدتها الجامعات في جميع أنحاء العالم.
وكانت الجامعة مفتوحة للأفراد من جميع الأعمار والطبقات الاجتماعية والأديان، مما يعكس رؤية فاطمة الفهري الفريدة وعقليتها الابتكارية في تحويل التعليم إلى قوة تجمع الناس وتمكنهم من التعلم.
اليوم، تواصل جامعة القرويين الإسهام في المناقشات العلمية والفكرية عبر مجموعة متنوعة من المجالات. وقد أنتجت عددًا من العلماء البارزين الذين أثروا بشكل كبير في المجالات الفكرية والأكاديمية في العالم الإسلامي. هؤلاء العلماء قدموا مساهمات ملحوظة في مختلف مجالات الدراسة، وكان لهم دور رائد في تطوير المعرفة وتعزيز النمو الفكري، مما يجعل من جامعة القرويين منارة علمية وثقافية عبر الأجيال.
الأثر التاريخي والعلمي.. تأثير جامعة القرويين على تطور العلوم والفكر في التاريخ الإسلامي.
تركز جامعة القرويين على العلوم الدينية والقانونية الإسلامية، مع اهتمام كبير بقواعد اللغة العربية الكلاسيكية والفقه المالكي. ولكن الجامعة لا تقتصر على الدراسات الإسلامية، حيث تقدم أيضًا دروسًا في مواضيع أخرى مثل المنطق والطب والرياضيات وعلم الفلك، ضمن مجموعة واسعة من التخصصات. بدأت الجامعة بالتركيز على التعليم الديني، ولكنها توسعت بسرعة لتشمل مجالات أخرى.
لعبت جامعة القرويين دورًا مهمًا في التبادل الثقافي ونقل المعرفة بين المسلمين والأوروبيين خلال العصور الوسطى.
كما كانت أول مؤسسة تعليمية تمنح درجات علمية، وهو نموذج تبنته الجامعات في جميع أنحاء العالم. وتعد مكتبة الجامعة، التي تعتبر الأقدم في العالم، من أهم المكتبات التي تحتفظ ببعض أقدم المخطوطات في التاريخ الإسلامي، مما يجعلها إحدى الكنوز المعرفية في العالم الإسلامي والعربي.
كان لجامعة القرويين تأثير عميق على التعليم في العالمين العربي والإسلامي وخارجهما. فقد كانت على مدى أكثر من ألف ومئة عام مركزًا روحيًا وتعليميًا رائدًا في العالم الإسلامي. أسهمت الجامعة في مجالات اللغة والأدب والفلسفة وعلم الفلك والطب، بالإضافة إلى الشريعة الإسلامية والفقه، وبرزت بشكل خاص في نشر الفقه المالكي.
باعتبارها أول مؤسسة تعليمية تمنح درجات علمية، لعبت القرويين دورًا رئيسيًا في تشكيل نظام التعليم الحديث. وكانت الجامعة مفتوحة أمام الجميع بغض النظر عن العمر أو الطبقة الاجتماعية أو الدين، مما يعكس رؤية فاطمة الفهري الرائدة في تحويل التعليم إلى أداة لتمكين المجتمع.
تواصل جامعة القرويين إثراء النقاشات العلمية والفكرية في مجموعة متنوعة من المجالات. وقد أنتجت عددًا من العلماء البارزين الذين كان لهم تأثير قوي على الفكر الأكاديمي في العالم الإسلامي. هؤلاء العلماء قدموا إسهامات كبيرة في مجالات متنوعة ولعبوا دورًا رئيسيًا في دفع عجلة المعرفة وتعزيز النمو الفكري.
وعلى المستوى العالمي، لعبت القرويين دورًا رائدًا في التبادل الثقافي ونقل المعرفة بين المسلمين والأوروبيين خلال العصور الوسطى، مما يشير إلى أهمية دورها في تعزيز الحوار بين الثقافات وتعزيز التفاهم بين الحضارات المختلفة.