هل الخطأ في الوضوء أثناء الحج والعمرة يفسدهما؟.. إليك الإجابة
ورد سؤالًا لأحد العلماء كان فحواه: «هل الخطأ في الوضوء أثناء الحج والعمرة يفسدهما؟»، وتم الرد عليه حيث قال إن لصواب أن غسل اليدين في أول الوضوء لا يكفي عن غسلهما مع الواجب من غسل اليدين إلى المرفقين، وذلك أنه إن غسلهما بنية السنة فقد فاتت النية فبقي الكفان غير مغسولين.
وأضاف أهل العلم أن غسلهما بنية الوجوب فات الترتيب الذي هو واجب على الراجح، ولكن مذهب الحنفية الذي أشرت إليه في سؤالك هو أن غسل اليدين في أول الوضوء يجزئ عن إعادة غسلهما بعد ذلك سواء غسلهما بنية الوجوب أو لا، وتفصيل مذهبهم كما في البحر الرائق: وإعلم أن في غسل اليدين ابتداء ثلاثة أقوال قيل إنه فرض وتقديمه سنة واختاره في فتح القدير والمعراج والخبازية، وإليه يشير قول محمد في الأصل بعد غسل الوجه ثم يغسل ذراعيه ولم يقل يديه فلا يجب غسلهما، ثانياً: وقيل إنه سنة تنوب عن الفرض كالفاتحة فإنها واجبة تنوب عن الفرض واختاره في الكافي، وقال السرخسي إنه سنة لا ينوب عن الفرض فيعيد غسلهما ظاهرهما وباطنهما، قال وهو الأصح عندي واستشكله في الذخيرة بأن المقصود هو التطهير فبأي طريق حصل حصل المقصود وظاهر كلام المشايخ أن المذهب الأول.
هل الخطأ في الوضوء أثناء الحج والعمرة يفسدهما
وبين ابن عابدين في حاشيته أنه لا تخالف بين هذه الأقوال فقال ما عبارته: وَأَجَابَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ النَّابُلُسِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ النِّيَابَةِ مِنْ حَيْثُ ثَوَابُ الْفَرْضِ لَوْ أَتَى بِهِ مُسْتَقِلًّا قَصْدًا إذْ السُّنَّةُ لَا تُؤَدِّيه وَيُؤيَدِّه اتِّفَاقُهُمْ عَلَى سُقُوطِ الْحَدَثِ بِلَا نِيَّةٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفَرْضَ سَقَطَ لَكِنْ فِي ضِمْنِ الْغَسْلِ الْمَسْنُونِ لَا قَصْدًا، وَالْفَرْضُ إنَّمَا يُثَابُ عَلَيْهِ إذَا أَتَى بِهِ عَلَى قَصْدِ الْفَرْضِيَّةِ؛ كَمَنْ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ قَدْ نَسِيَهَا وَاغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ ضِمْنًا وَلَا يُثَابُ ثَوَابَ الْفَرْضِ وَهُوَ غُسْلُ الْجَنَابَةِ مَا لَمْ يَنْوِهِ لِأَنَّهُ لَا ثَوَابَ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَيُسَنُّ أَنْ يُعِيدَ غَسْلَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ غَسْلِ الذِّرَاعَيْنِ لِيَكُونَ آتِيًا بِالْفَرْضِ قَصْدًا، وَلَا يَنُوبُ الْغَسْلُ الْأَوَّلُ مَنَابَهُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ نَابَ مَنَابَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يُعِدْهُ سَقَطَ الْفَرْضُ كَمَا يَسْقُطُ لَوْ لَمْ يَنْوِ أَصْلًا.وَيَظْهَرُ لِي عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْفَرْضِيَّةِ أَرَادَ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ الْفَرْضِ، وَأَنَّ تَقْدِيمَ هَذَا الْغَسْلِ الْمُجْزِئِ عَنْ الْفَرْضِ سُنَّةٌ، وَهُوَ مَعْنَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ تَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُسَنُّ إعَادَةُ الْغَسْلِ لِمَا مَرَّ فَتَتَّحِدُ الْأَقْوَالُ.
وعلى مذهبهم فإن الطهارة السابقة صحيحة بكل حال، فإن كان الغسل لكفي المسلم حينئذ واقعا بنية الواجب فقد أجزاك ذلك عندهم وعند المالكية القائلين بعدم وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء .
كما اختلف أهل العلم في حكم الطهارة للطواف، فذهب جمهور أهل العلم إلى أنها شرط لصحة الطواف، وهو الذي به الفتوى عندنا؛ لذلك كان حكمك عندما انتقض وضوؤُك أن تخرج وتتوضأ، وتكمل ما بقي عليك من الطواف، وما لم تفعل، فأنت باق على إحرامك الأول، وإحرامك بالعمرة الأخرى بعدها بسنة، لا ينعقد؛ لأنك ما زلت متلبسًا بالعمرة الأولى الناقصة، وبإكمال العمرة الثانية، تتحلل من العمرة الأولى، وتجزئك عنها