الفاشر.. مدينة أشباح على وشك المجاعة تُعيد السودان إلى مربع العنف
يسيطر الجيش والفصائل المتحالفة معه على الفاشر، لكن المدينة تعيش تحت حصار قوات الدعم السريع التي تسعى للاستيلاء عليها، وإذا تحقق هذا السيناريو فسيكون إقليم دارفور كله تحت قبضة قوات حميدتي.
وتحتل مدينة الفاشر موقعا استراتيجيا في شمال دارفور، إذ تعد الآن المدينة الكبيرة الوحيدة التي يمكن الوصول إليها من مدن شمال السودان بسبب قربها الجغرافي من تلك المناطق، وبالتالي فهي تعد المدخل الوحيد لقوافل المساعدات الإنسانية القادمة من ميناء بورتسودان - على ساحل البحر الأحمر - الذي يستقبل المساعدات الخارجية في الوقت الحالي، ومن ثم تُنقل المساعدات منها إلى بقية أرجاء الإقليم.
هذه المدينة التي تشهد اشتباكات عنيفة ودموية بين الجيش والفصائل المتحالفة معه من جهة وقوات الدعم السريع من جهة أخرى انقطعت عنها شبكة الاتصالات، كما فُرضت قيود صارمة على عمل الصحفيين ومنظمات الإغاثة الإنسانية.
وبدأ الصراع في السودان في أبريل من العام الماضي عندما تحولت التوترات المتصاعدة بين قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية إلى قتال في العاصمة الخرطوم وأماكن أخرى بالبلاد، وأدت الحرب بالسودان، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما دفعت سكانه إلى حافة المجاعة.
قال شهود عيان لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الفاشر عاصمة دارفور شهدت معارك هي الأعنف منذ اندلاع القتال فيها قبل نحو شهر بين قوات الدعم السريع والجيش مدعوما بالحركات المتحالفة معه، في ظل موجة نزوح كبيرة حولت المدينة الأكبر في الإقليم إلى "مدينة اشباح".
واستخدم طرفا القتال الأسلحة الثقيلة والمسيرات وعمليات القصف المكثف التي أحدثت دمارا كبيرا في المستشفيات والمنشآت العامة والأحياء السكنية، في حين يتبادل الطرفان مسؤولية التصعيد الخطير.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة، محمد علي أبونجيلة، إن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.
ويعني عدد اللاجئين والنازحين داخلياً، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم.
وقالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، في بيان، "تخيل مدينة بحجم لندن يتم تهجيرها.. هذا هو الحال، وهو يحدث مع التهديد المستمر بتبادل إطلاق النار، والمجاعة والمرض والعنف العرقي والعنف القائم على النوع الاجتماعي".
وحذرت وكالة الغذاء التابعة للأمم المتحدة الأطراف المتحاربة الشهر الماضي من وجود خطر جدي من انتشار المجاعة والموت على نطاق واسع في منطقة دارفور الغربية وأماكن أخرى في السودان، إذا لم تسمح بدخول المساعدات الإنسانية.
ودعت بوب إلى استجابة موحدة من المجتمع الدولي لتجنب "مجاعة تلوح في الأفق" في السودان، حيث الاحتياجات الإنسانية "ضخمة وحادة وفورية".
وقالت إن "أقلّ من خمس الأموال التي طلبتها المنظمة الدولية للهجرة من أجل الاستجابة تم تسليمها".
وفي سياق متصل، حذر المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندمايرفي السودان، من أن النظام الصحي في السودان ينهار، مضيفا أن حوالي 65 في المائة من السكان يفتقرون إلى الوصول إلى الرعاية.
وأضاف المتحدث باسم الصحة العالمية : كانت الرعاية الصحية في السودان تعتمد بشكل كبير على الخرطوم، حيث تم تدمير النظام الصحي. لا يتوفر في البلاد سوى نحو 25 في المائة من الإمدادات الطبية اللازمة.
وأضاف متحدث الصحة العالمية انه في المناطق التي يصعب الوصول إليها، لا يزال ما بين 20 و30 في المائة فقط من المرافق الصحية تعمل، وحتى مع ذلك، تعمل بالمستوى الأدنى".
وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت كذلك من أن الكوليرا والملاريا وحمى الضنك آخذة في الارتفاع. وأعربت عن قلقها إزاء نقص العلاج للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والفشل الكلوي.