رصيف المساعدات الأمريكي.. صعوبات لوجستية وأحوال الطقس تهدد استمرار عمله في غزة
أثارت "صعوبات لوجستية وأحوال الطقس" قبالة سواحل غزة شكوكاً حول إمكانية استمرار تشغيل رصيف المساعدات الأميركي أمام سواحل القطاع.
أفاد مسؤولون أمريكيون بأن وزارة الدفاع "البنتاجون" لم تكن على علم بخطة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإنشاء رصيف بحري عائم لإمداد قطاع غزة بالمساعدات الغذائية والإنسانية إلا قبل أيام من خطاب "حالة الاتحاد" في مارس الماضي، مما أدى إلى إقامته بشكل عاجل.
تم إنشاء الرصيف، الذي بلغت كلفته 230 مليون دولار، في ظل تقدم عسكري إسرائيلي في مدينة رفح وإغلاق المعبرين الحدوديين الجنوبيين اللذين كانا يمدان قطاع غزة بمعظم المساعدات. كان الهدف من إنشائه بين قبرص وغزة، واستمرار حملة الإنزال الجوي، هو استكمال عمليات التسليم البري التي تعتبر أقل تكلفة وأكثر فعالية.
لكن الرصيف، الذي تم إنشاؤه على عجل، لم يكن مصمماً للتعامل مع مياه البحر المتوسط الهائجة المتوقع ارتفاع منسوبها خلال الصيف، كما أثبتت لوجستيات تسليم المساعدات من الرصيف إلى سكان غزة أنها "بالغة الصعوبة"، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال".
في أواخر الشهر الماضي، انهار هذا الهيكل العائم بعد 10 أيام فقط من تشغيله، وهو ما وصفه مسؤولو الدفاع بأنه "أمر حتمي"، ما دفع بعض المنظمات الإنسانية إلى التوقف عن وضع خطط طويلة المدى للاستفادة منه.
بعد أسبوع من الإصلاحات، عاد الرصيف إلى العمل السبت الماضي، لكنه أُغلق مرة أخرى الأحد بسبب المياه الهائجة، وأعيد فتحه الثلاثاء.
يعكس تشغيل الرصيف وانهياره شبه الكامل المساعي التي تبذلها إدارة بايدن في التعامل مع الوضع الإنساني المتدهور في غزة، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال". فبعد ثلاثة أشهر من إعلان الرئيس الأميركي إنشاء الرصيف خلال خطابه عن حالة الاتحاد، لم تتدفق عبر الرصيف مساعدات كافية لدعم غزة سوى لأيام معدودات، وهو جزء ضئيل مما يلزم لتلبية الاحتياجات الأساسية لأكثر من مليوني مدني يواجهون شبح المجاعة.
وأوضح مسؤولو البنتاجون أن العمل على تشييد الرصيف بدأ "بشكل سريع"، حيث غادر نحو ألف جندي شواطئ فرجينيا في سفن تحمل أجزاءً من الرصيف. حتى في ذلك الوقت، لم يكن مسؤولو الدفاع على علم بجوانب كثيرة من الخطة، بما في ذلك مكان إجراء عمليات التفتيش على المساعدات.
وأشاروا إلى أن "التصور كان شاقاً"، حيث احتاج الجيش الأميركي إلى تجميع الرصيف على مسافة عدة أميال قبالة ساحل غزة، واستخدم سفن الدعم لنقل المساعدات من الهيكل إلى جسر عائم بطول 1800 قدم يؤدي إلى الشاطئ. وقال نظام التوجيه العسكري الأميركي عن الرصيف، المعروف باسم مشروع "الخدمات اللوجستية المشتركة عبر الشاطئ" (JLOTS)، إن استخدام الرصيف "يعتمد على الطقس، وإنه لا يمكن تشغيله في ظروف تتجاوز حالة البحر عند المستوى الثالث أو أمواج قصيرة ومعتدلة".
غالباً ما يكون البحر المتوسط في الحالة البحرية عند المستوى الرابع، مما أثار الشكوك لدى بعض مسؤولي الدفاع بشأن مدى جودة التنسيق بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي والحكومة القبرصية، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية وغيرهم، خاصة أثناء الحرب وتحت وطأة هذا الجدول الزمني القصير. لم تُسوى التفاصيل الأساسية بشكل كامل قبل أيام من إنشاء الرصيف، بما في ذلك كيفية ضمان تدفق المساعدات إلى قبرص بانتظام. لذا سعت بعض المنظمات الخاصة، مثل Fogbow، وهي شركة أمن أميركية خاصة، إلى الحصول على موافقات لإدخال المساعدات عبر الرصيف الأميركي. ولم تحصل الشركة على تصريح حتى الآن.
اختارت منظمات إغاثية أخرى، مثل "وورلد سنترال كيتشن" الذي أسسه خوسيه أندريس، بناء رصيفها الخاص قبالة شاطئ غزة لتوصيل المساعدات. تم تجهيز الرصيف العسكري الأميركي في منتصف مايو الماضي، لكن الطقس ألحق أضراراً جسيمة بالمنشأة، مما أدى إلى إصابة ثلاثة جنود أميركيين، أحدهم في حالة خطيرة، ولكن الرصيف كان لا يزال قيد العمل. بعد أيام قليلة، تحطمت أجزاء من الرصيف وأعلن البنتاجون أن الممر البحري تعرض لأضرار تجعله غير صالح للاستخدام، فنُقل الرصيف إلى ميناء أسدود الإسرائيلي لإجراء الإصلاحات اللازمة.
أبدى ميكي بيليج، المدير العام لشركة EDT Offshore الشحن القبرصية، شكوكاً بشأن استمرارية المشروع، قائلاً: "نعرف الطقس ونعرف إيقاع الموج والرياح في أي وقت من العام، وكان بإمكاننا أن نقول إن الأمر لن ينجح".
في 7 يونيو، أعلن البنتاجون إعادة فتح الرصيف بعد إصلاحه. وقال براد كوبر، نائب قائد القيادة المركزية الأميركية، للصحافيين إن "المشكلات المتعلقة بالرصيف جاءت فقط من الطقس غير المتوقع". وبدأ نقل المساعدات مرة أخرى من قبرص إلى غزة يوم السبت. وقالت القيادة المركزية الأميركية إنه تم تسليم نحو 1.1 مليون رطل من المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر الرصيف.
لكن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) أوقف تسليم المساعدات من الرصيف مؤقتاً بعد إصابة اثنين من مستودعاته بصواريخ. وأعربت مديرة البرنامج، سيندي ماكين، عن قلقها بشأن سلامة الموظفين بعد حادث الأمس في غزة.
من جانبها، أفادت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) أنها تخطط لمواصلة تأمين الإمدادات لتسليمها من قبرص، رغم أن البنتاجون خصص ما يكفي من المال لسداد ثمن استقبال الرصيف للمساعدات لمدة ثلاثة أشهر. وقال المطلعون على عملياته إنهم "لا يتوقعون استمرار العمل طوال هذه المدة، على الأقل من دون إجراء العديد من الإصلاحات".
إذا تم إغلاق الرصيف بشكل دائم، فقد يتم تسليم المساعدات عبر البحر إلى ميناء أسدود في إسرائيل وإرسالها بعد ذلك عبر الطرق البرية التي كان من المفترض أن يتجاوزها الرصيف البحري.