بين الذكرى والمطالبة بالعدالة.. لبنان يحيي ذكرى انفجار مرفأ بيروت وسط أزمات سياسية
يحيي اللبنانيون الأحد الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت الذي تسبّب بمقتل أكثر من 220 شخصاً، على وقع مخاوف من اندلاع حرب بين حزب الله واسرائيل، في حين لا يزال التحقيق في الأسباب معطّلاً والعدالة غائبة، وسط تعقيدات سياسية وقضائية.
ويتوقع إحياء الحدث بمسيرات لأهالي الضحايا ومتضامنين معهم بعد ظهر الأحد للمطالبة بالعدالة والمحاسبة.
ويواجه التحقيق في انفجار المرفأ عقبات عدة تجعله معلقا من دون لوائح اتهام نهائية في ظل خلافات بين القوى السياسية بشأن المرجع الصالح لاستجواب وزراء سابقين تدور شبهات حول اتهامهم بالتقصير.
ومنذ اليوم الأول، عزت السلطات اللبنانية انفجار أغسطس 2020 إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون اجراءات بعد مصادرتها من سفينة منذ عام 2014. وتبيّن لاحقاً أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكناً.
واعتبرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جنين هينيس-بلاسخارت في بيان السبت أن "الغياب التام للمحاسبة عن كارثة من صنع الانسان كهذا الانفجار يعد أمرا مذهلا".
وجددت بلاسخارت دعوة أمين عام المنظمة أنطونيو غوتيريش، لإجراء "تحقيق محايد وشامل وشفاف" في الملف خلال لقاءها عائلات بعض الضحايا الذين سقطوا في انفجار المرفأ.
وقالت المسؤولة الأممية إن "انفجار مرفأ بيروت كانت له أصداء في جميع أنحاء العالم، وأن أستمع اليوم إلى شهادات العائلات لإحياء هذه الذكرى المؤلمة لهو أمر مؤثر للغاية."
وتابعت "أن رؤية هذه العائلات تتعرض للظلم مرارا وتكرارا بسبب الفشل في تحقيق العدالة حتى الآن مؤلم، فالغياب التام للمحاسبة عن كارثة من صنع الإنسان كهذا الانفجار يعد أمرا مذهلا."
وأضافت أن "المتوقع من السلطات المعنية أن تعمل بلا كلل لإزالة جميع العوائق أمام التحقيق، سواء كانت هيكلية أو سياسية، ولكن ما يحدث هو العكس تماما."
كما أكدت على "أهمية وجود قضاء مستقل وناجز في لبنان جنبا إلى جنب مع تفعيل وتمكين مؤسسات الدولة الأخرى."
وإثر الانفجار، عيّنت السلطات القاضي فادي صوان محققاً عدلياً، لكن سرعان ما تمت تنحيته في فبراير 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين بتهمة "الإهمال والتقصير والتسبّب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص.
واصطدم خلفه القاضي طارق بيطار بالعراقيل ذاتها مع إعلان عزمه على استجواب دياب، تزامناً مع إطلاقه مسار الادّعاء على عدد من الوزراء السابقين بينهم نواب، وعلى مسؤولين أمنيين وعسكريين.
وامتنع البرلمان السابق عن رفع الحصانة عن النواب المذكورين، ورفضت وزارة الداخلية منحه إذناً لاستجواب قادة أمنيين ورفضت قوى الأمن كذلك تنفيذ مذكرات توقيف أصدرها. وغرق التحقيق بعدها في متاهات السياسة ثم في فوضى قضائية بعدما حاصرت بيطار عشرات الدعاوى لكف يده، تقدم بغالبيتها مسؤولون مُدّعى عليهم.
وخلال أكثر من ثلاث سنوات، تمكّن بيطار من العمل رسمياً لقرابة ستة أشهر فقط، تعرّض خلالها لضغوط أنذرت بأزمة غير مسبوقة في الجسم القضائي، خصوصاً بعدما أحبط مدعي عام التمييز السابق غسان عويدات محاولته استئناف التحقيقات مطلع العام الماضي.
وكان بيطار استأنف تحقيقاته في 23 يناير 2023 بعد 13 شهراً من تعليقها، وقرّر الادّعاء على ثمانية أشخاص جدد بينهم عويدات، وحدّد مواعيد لاستجواب 13 شخصاً مدعى عليهم.
لكن عويدات تصدى له بالادعاء عليه بـ"التمرد على القضاء واغتصاب السلطة"، وأصدر منع سفر في حقه، وأطلق سراح جميع الموقوفين.
إزاء ذلك، تراجع بيطار عن المضي بقراراته. ويعتزم استئناف "إجراءاته اعتباراً من الأسبوع المقبل"، وفق مصدر قضائي.
وقال المصدر إن المحقق العدلي "سيحدد مواعيد دورية لاستجواب جميع المدعى عليهم الذين لم يمثلوا أمامه بعد وفي حال امتنعوا سيصدر مذكرات غيابية بتوقيفهم".
وشدد المصدر على أن البيطار ينوي إنهاء "التحقيق وإصدار قراره الاتهامي في هذه القضية قبل نهاية العام الحالي".
وأودى الانفجار بحياة أكثر من 220 شخصا وأصاب نحو 6500 آخرين، فضلا عن أضرار مادية هائلة في أحياء سكنية وتجارية، حيث دمرت كليا أو جزئيا حوالي 50 ألف وحدة سكنية مما تسبب بتشريد 300 ألف شخص، فيما قدرت الخسائر المادية بقرابة 15 مليار دولار.