الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يشارك في ”سيملس شمال أفريقيا 2024” بمصر
أكد الدكتور علي محمد الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ورئيس مجلس إدارة الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي
أن العالم اليوم يعيش حالة من التحولات العميقة، غدت فيها التكنولوجيات الرقمية، القلب النابض للاقتصاد الحديث.
جاء ذلك في كلمته خلال فعاليات مؤتمر ومعرض “سيملس شمال أفريقيا 2024” المنعقد في مركز مصر للمعارض الدولية، بمدينة القاهرة الجديدة ، تحت شعار “مستقبل التجارة الرقمية عبر شمال أفريقيا”، برعاية أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وبحضور عدد كبير من المسؤولين الحكوميين وممثلي الشركات المحلية والدولية.
وتساءل الدكتور الخوري عن ماهية العالم في السنوات القادمة وعما إذا كانت الدول مستعدةً حقاً لمواجهة التحولات الرقمية التي أصبحت ترسم ملامح جديدة للاقتصاد العالمي وكيف يرى صناع القرار وراسمي السياسات المستقبل في ظل هذه التغيرات.
وأشار إلى عمق التحولات قائلاً أنه في عام 2021، بلغت قيمة المبيعات الرقمية العالمية نحو 5 تريليون دولار، وهذا الرقم مرشح للقفز إلى 7.5 تريليون دولار في العام القادم، في حين لم تكن المبيعات الرقمية في عام 2010 قد تجاوزت الـ 600 مليار.
وأضاف أن هذه الأرقام تعبر عن تغيير عميق في طبيعة الاقتصاد، تغيير يدفعنا إلى إعادة النظر في مفاهيمنا، والنظر إلى المستقبل بعدسة مختلفة، حيث لا مكان للتقليدية.
وقال إنه إذا ما نظرنا إلى منطقتنا العربية، نجد أن هناك تقدماً ملموساً، ولكن هل هو بالدرجة والمستوى الكافي؟ حيث تشير التوقعات إلى أن قيمة التجارة الرقمية في العالم العربي من المرجح أن تصل إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2025 مرتفعة من 2 أو 5 مليار في عام 2010.
كما تساءل حول القدرة والرغبة الحقيقية لاستغلال هذه الفرص؟ وهل من الممكن القفز بهذه الأرقام إلى مستويات جديدة، موضحا بهذا الشأن أن العالم الذي نعيش فيه اليوم، يتسم بالتعقيد والاضطراب، فالحروب، والأوبئة، والتوترات الجيوسياسية، كلها عوامل أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد العالمي وتوازن التجارة الدولية وأظهرت هشاشة سلاسل الإمداد العالمية.
وأشار إلى أنه اليوم، ونحن نقف أمام مفترق طرق، فإننا نملك خيارات محدودة، فإما أن نستمر في الأنماط الحالية، أو أن نتبنى رؤية جديدة تعتمد على التكامل العربي، وتسخير التكنولوجيا الحديثة لبناء اقتصاد قوي ومستدام.
وقال إن الجيل القادم من التجارة الرقمية لن يكون مجرد امتداد للتطورات الحالية، بل سيحمل تحولات نوعية ستعيد صياغة قواعد اللعبة بالكامل.. الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، والمدفوعات الرقمية وبالأخص العملات الرقمية التي نجدها اليوم تأخذ طرقها نحو التقنين، ستغير جذريًا من كيفية تفاعل أنظمتنا وبيئاتنا، ومع بعضنا البعض.
وأوضح أن التحولات العالمية تدعو للاستعداد للجيل الخامس من التجارة الإلكترونية، والفارق الثوري الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي في الأسواق، والخوارزميات التي ستتيح التكامل الفوري بين قواعد البيانات والخدمات الحكومية والخاصة، والذي سيجعل العمليات اللوجستية والمالية، أكثر سلاسة وامتثالاً مع المعايير القانونية والشفافية.
وأضاف أنه بحسب منظور مركز التعلم ودراسات المستقبل في الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، فإن التخطيط لتدعيم التجارة الإلكترونية في العالم العربي، يتطلب إعادة النظر بشكل يتماشى مع الواقع ومع متطلبات العصر الرقمي، بهيكلية عامة تعتمد على ثلاثة مستويات رئيسية، المستوى الأول يمثل محور التجارة الدولية بين الشركات ويتطلب التركيز على التشريعات والقوانين التي تسهل عمليات التبادل التجاري بين الدول العربية، ويساعد على بناء سوق إقليمية متكاملة.
أما المستوى الثاني فقال الدكتور الخوري أنه مرتبط بتنمية التجارة المحلية بين الشركات داخل الدول ويركز على توظيف التكنولوجيا للارتقاء بالقدرة التنافسية والابتكار في الأسواق المحلية، فيما يرتبط المستوى الثالث بالتجارة المباشرة مع المستهلكين ويتطلب تحسين البنية التحتية واللوجستيات، وتقنين التكنولوجيات الحديثة مع التركيز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لما لها من ارتباط بفرص التوظيف.
وأوضح أنه بالنسبة لصانعي السياسات العرب، فإنه من الأهمية أن يعملوا على إعادة تصور التجارة الإلكترونية كركيزة أساسية لمستقبل الاقتصاد في المنطقة ويجب أن يكون التركيز الاستراتيجي على إنشاء نظام بيئي متكامل ومدفوع بالذكاء الاصطناعي يتميز بالمرونة والشمولية والابتكار... وذلك سيمكن العالم العربي اللحاق بالاتجاهات العالمية، بل وتحديد مساره في الاقتصاد الرقمي، ويجعل له موضع قدم في الاقتصاد العالمي الجديد.
وأكد أن النجاح في المستقبل الجديد يستدعي من صناع وراسمي السياسات منهجية رؤيوية لا تكتفي بالتكيف مع التحديات والفرص، بل الاستباقية بخطوة.