آثار السودان المنهوبة.. حرب وشبكات تهريب تهدد كنوز التاريخ
كشفت صحيفة التايمز البريطانية يوم الاثنين أن قطعًا أثرية سودانية لا تقدر بثمن قد وُضعت للبيع على موقع "إيباي" بعد تهريبها من السودان، الذي يعاني من صراع طويل الأمد بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
تُعتقد أن القطع، التي تتضمن تماثيل وأواني ذهبية وفخارية، قد نُهبت من المتحف الوطني في الخرطوم، الذي يقع في منطقة تحت سيطرة قوات الدعم السريع. وفقًا للتايمز، فقد نُهبت آلاف القطع الأثرية، بما في ذلك شظايا تماثيل وخرائب قديمة، خلال أكثر من عام من القتال الذي أسفر عن مقتل ما يصل إلى 150 ألف شخص، مما جعل هذه الكنوز الثمينة عرضة للسرقة.
يأتي هذا التقرير بعد أيام قليلة من تعبير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عن قلقها البالغ بشأن التقارير التي تفيد بنهب وإتلاف العديد من المتاحف والمؤسسات التراثية في السودان، بما في ذلك المتحف الوطني، من قبل الجماعات المسلحة. وقد دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية التراث السوداني من الدمار والاتجار غير المشروع.
وحذرت اليونسكو من أن التهديد الذي تتعرض له الكنوز الثقافية السودانية قد وصل إلى "مستوى غير مسبوق". وأشارت التايمز إلى أن بعض القطع الأثرية، بما في ذلك اللوحات والأشياء الذهبية والفخارية، قد تم إدراجها على موقع إيباي باعتبارها آثارًا مصرية، رغم أنها في الواقع من المتحف الوطني السوداني في الخرطوم، وفقًا لخبراء.
المتحف الوطني يقع في منطقة بالعاصمة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، التي نشأت من ميليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب إبادة جماعية في دارفور قبل عقدين. وتخوض قوات الدعم السريع صراعًا على السلطة مع الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان.
تحتوي مجموعة المتحف على قطع أثرية تعود للعصر الحجري القديم وعناصر من موقع كرمة التاريخي شمال السودان، بالإضافة إلى قطع فرعونية ونوبية. ورغم نفي قوات الدعم السريع تورطها في عمليات النهب، يرى الخبراء أن الحرب قد سهلت سرقة القطع أثناء عمليات التجديد التي كانت تجري في المتحف قبل اندلاع الصراع.
ورغم حذف إيباي لبعض القطع بعد تواصل الصحيفة معهم، لا يزال الاتجار بالآثار السودانية المنهوبة مستمرًا، مع تحذيرات من علماء الآثار بشأن تهديد مواقع تاريخية أخرى مثل جزيرة مروي، إحدى مواقع التراث العالمي لليونسكو. جزيرة مروي، التي كانت مقرًا لمملكة كوش القديمة بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد، تشهد على تبادل الثقافات والفنون بين أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
ودعت اليونسكو التجار وجامعي التحف إلى الامتناع عن شراء أو استيراد أو تصدير أو نقل ملكية الممتلكات الثقافية من السودان، محذرة من أن أي بيع غير قانوني أو تهريب لهذه العناصر قد يؤدي إلى اختفاء جزء من الهوية الثقافية السودانية ويعرض تعافي البلاد للخطر.
وفي تطور آخر، دعا خبراء الأمم المتحدة يوم الجمعة إلى نشر قوة "مستقلة ومحايدة" في السودان دون تأخير، بهدف حماية المدنيين من الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.