اتحاد العالم الإسلامي
اتحاد العالم الإسلامي
رئيس مجلس الإدارة د. محمد أسامة هارون رئيس التحرير محمود نفادي

روسيا في أفريقيا.. رياح تغيير تعيد رسم خرائط النفوذ

التواجد الروسي في أفريقيا
التواجد الروسي في أفريقيا

في ظل التوتر المتصاعد بين روسيا والغرب، تسعى موسكو لبسط نفوذها في القارة الأفريقية بأساليب ناعمة، تستهدف كسب ثقة الشعوب التي عانت من السيطرة الغربية على مواردها لعقود طويلة.

تتمتع روسيا بموقع متميز في سوق الأسلحة الأفريقية، حيث أصبحت أكبر مورد للسلاح للقارة، مقدمةً خبراتها الأمنية وتدريبات عسكرية دون فرض القيود التي تضعها الدول الغربية. هذا الوضع دفع العديد من الدول الأفريقية، التي تعاني من الحروب والصراعات، إلى البحث عن شراكات مع موسكو، بحثًا عن علاقات تضمن تبادل المصالح بعيدًا عن الهيمنة الغربية.

وبين عامي 2010 و2021، كانت صادرات الأسلحة الروسية إلى أفريقيا تتفوق بشكل ملحوظ على أي مورد آخر، حيث تجاوزت صادرات الصين بثلاث مرات، وفقًا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام. وتستفيد روسيا من تقديم أسلحة رخيصة، مما يساعد الدول الأفريقية على تجنب تحميل ميزانياتها الديون الكبيرة.

المصالح الاستراتيجية والعلاقات التاريخية


اعتبر نزار بوش، الخبير الروسي في الشؤون الأفريقية، أن لموسكو مصالح استراتيجية في القارة. وأشار إلى أن الاتحاد السوفياتي كان له علاقات جيدة مع العديد من الدول الأفريقية، حيث زودها بأسلحة متطورة مثل الطائرات والدبابات. في الوقت الراهن، تسعى روسيا إلى تلبية احتياجات الدول الأفريقية من الأسلحة المتوسطة والخفيفة لمكافحة الإرهاب، مع التركيز على عدم تقديم أسلحة متطورة قد تقع في يد المتطرفين.

القوة الناعمة: الثقافة والمواد الغذائية


إلى جانب التعاون العسكري، تهتم روسيا بنشر اللغة والثقافة الروسية، وتقديم المواد الغذائية والأسمدة بأسعار مناسبة، بل وتقديمها لبعض الدول بشكل مجاني. تسعى موسكو لتعزيز تأثيرها على المجتمعات الأفريقية دون التدخل في شؤونها الداخلية إلا عند الطلب.

تجربة جديدة مع الشركات الأمنية

يتحدث عبدالله امباتي، الكاتب الصحفي الموريتاني، عن اهتمام روسيا المتزايد بأفريقيا بعد تجربتها في الشرق الأوسط. وقد لجأت إلى شركات أمنية متخصصة، مثل شركة فاغنر، لتولي مهام القتال الميداني والتعدين. هذا النموذج يعكس تحول روسيا نحو استخدام شركات الأمن الخاصة كوسيلة لتعزيز نفوذها، دون أن تتحمل مسؤوليات الدولة بشكل مباشر.


تظهر الاستراتيجيات الروسية في أفريقيا أنها تستهدف بناء علاقات تقوم على الندية وتبادل المصالح، مستفيدة من مشاعر الاستياء من الاستعمار الغربي. مع تزايد النفوذ الروسي، قد نشهد تحولًا في موازين القوة في القارة، حيث تزداد الدول الأفريقية رغبةً في الاستقلال عن الهيمنة الغربية.

تتنافس روسيا في الساحة الأفريقية باستخدام نهج يعتمد على القوة الناعمة، حيث تسعى لكسب ثقة الدول الأفريقية من خلال شراكات عسكرية واقتصادية غير مشروطة. تسلط هذه الديناميكية الضوء على التحولات في العلاقات الدولية، وتعرض كيف أن روسيا أصبحت شريكًا رئيسيًا في تعزيز الأمن والتعاون في القارة، بعيدًا عن الهيمنة الغربية التقليدية.

موضوعات متعلقة