شبح الأسلحة المهربة.. الصومال وإثيوبيا في صراع من أجل الأمن والسيادة
تعبّر الحكومة الصومالية عن قلقها المتزايد من إمكانية وصول الأسلحة المهربة عبر حدودها إلى جماعات إسلامية متشددة، متهمةً إثيوبيا، جارتها، بزعزعة الأمن في البلاد. يأتي ذلك في أعقاب تفريغ سفينة حربية مصرية شحنة من الأسلحة الثقيلة في العاصمة مقديشو، وهي العملية الثانية منذ توقيع اتفاق أمني بين البلدين في أغسطس.
الخلاف بين إثيوبيا، التي تنشر آلاف القوات في الصومال لمواجهة المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة، وحكومة مقديشو يتصاعد بسبب سعي أديس أبابا لإنشاء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، وهو ما يتطلب اعترافًا بسيادتها. وقد أدى ذلك إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي تشهد علاقات متوترة مع إثيوبيا منذ سنوات بسبب مشروع السد الضخم على نهر النيل.
في تعليقات له، عبّر وزير خارجية إثيوبيا، تايي أتسكي سيلاسي، عن قلقه من أن "الأسلحة القادمة من قوى خارجية قد تزيد من تفاقم الوضع الأمني الهش وتصل إلى أيدي الإرهابيين في الصومال".
من جانبه، رد وزير خارجية الصومال، أحمد معلم فقي، قائلًا إن تلك التصريحات تهدف إلى "إخفاء التهريب غير القانوني للأسلحة عبر الحدود"، مشيرًا إلى أن تلك الأسلحة تقع في أيدي المدنيين والإرهابيين. وعلى الرغم من عدم تقديمه دليلًا، اتهم فقي إثيوبيا بمحاولة تشتيت الانتباه عن انتهاك سيادة الصومال.
سبق وأن اتهمت الصومال إثيوبيا الأسبوع الماضي بنقل الأسلحة إلى ولاية بونتلاند شبه المستقلة، وهددت بطرد القوات الإثيوبية بحلول نهاية العام إذا لم تتراجع عن مشروع الميناء.
وفقًا لرشيد عبدي، المحلل في مركز ساهان للأبحاث، فإن خطر وقوع الأسلحة في أيدي عناصر حركة الشباب المتشددة مرتفع. وأضاف: "حركة الشباب هي المستفيد الرئيس، وقد حصلت في عام 2023 على كميات هائلة من الأسلحة عبر شن غارات على قواعد العدو".
توترات جديدة.. صراع السيادة بين الصومال وإثيوبيا يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية
في تطورات مثيرة، تصاعد التوتر بين الصومال وإثيوبيا على خلفية الاتفاق البحري الذي أبرمته الأخيرة مع إقليم أرض الصومال الانفصالي. هذا الاتفاق، الذي ينص على تأجير 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لإثيوبيا لمدة 50 عاماً، أثار مخاوف الحكومة الصومالية من زعزعة الأمن والسيادة.
تسعى سلطات أرض الصومال من خلال هذا الاتفاق إلى ضمان اعتراف إثيوبيا بها كأول دولة تفعل ذلك، وهو ما لم يحدث منذ إعلان استقلال المنطقة عن الصومال عام 1991. وفي إطار هذه الأجواء المتوترة، عززت مصر والصومال تعاونهما العسكري، حيث وقعتا اتفاق تعاون عسكري في أغسطس الماضي.
وفي سياق هذا التعاون، وصف السفير الصومالي في مصر، علي عبدي، شحنة المعدات العسكرية التي أرسلتها مصر بأنها "كبيرة"، مشيراً إلى أن القاهرة ستكون أول دولة تنشر قوات في الصومال بعد انسحاب البعثة الأفريقية الحالية.
تجسد هذه الأحداث الديناميات المعقدة في القرن الإفريقي، حيث تتشابك القضايا الأمنية والسياسية، مما يزيد من حدة الصراعات الإقليمية.