شبح المواجهة.. تصاعد التوترات العسكرية في القرن الإفريقي
نشر مركز "ستراتفور" الأمريكي للدراسات الإستراتيجية والأمنية تقريرًا يحذر من تصاعد الأوضاع المضطربة في القرن الإفريقي، في ظل ظهور تحالفات معادية لإثيوبيا. وقد حذر التقرير من أن الانتشار العسكري المصري المرتقب في الصومال قد يفاقم التوترات مع إثيوبيا، مما يهدد بوقوع اشتباكات محتملة بين القوات المصرية والإثيوبية.
التطورات الأخيرة تأتي في وقت تعقد فيه الصومال ومصر وإريتريا اتفاقًا ثلاثيًا في 10 أكتوبر الجاري لتعزيز التعاون الأمني. يُعتبر هذا الاتفاق بمثابة أحدث مؤشر على تزايد العلاقات بين مصر والصومال، خاصة بعد إعلان مصر عن نيتها إرسال 5000 جندي إلى بعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة لدعم الاستقرار في الصومال، والتي من المقرر أن تبدأ في الأول من يناير المقبل.
خلال الفترة الأخيرة، تصاعد النزاع الدبلوماسي بين إثيوبيا والصومال، وهو ما أثاره توقيع إثيوبيا اتفاقًا مع أرض الصومال، مما يمنحها حق استخدام ميناء بربرة لأغراض تجارية وعسكرية. هذا الاتفاق أثار حفيظة مقديشو، التي اعتبرت ذلك انتهاكًا لسيادتها.
تقرير ستراتفور يشير إلى أن الطرد الوشيك للقوات الإثيوبية من الصومال قد يُعقّد الجهود المبذولة لمواجهة حركة الشباب وتنظيم الدولة، حيث كانت القوات الإثيوبية تلعب دورًا حاسمًا في محاربة هذه الجماعات. ومن المتوقع أن يكون لمغادرة هذه القوات تأثير كبير على الأوضاع الأمنية، خاصة مع تنامي المخاطر التي تشكلها الجماعات المتطرفة.
علاوة على ذلك، يبرز التقرير العلاقة المتنامية بين الصومال ومصر في وقت تواجه فيه مقديشو تحديات داخلية مع الولايات الفيدرالية، مثل جوبالاند وجنوب غرب الصومال. هؤلاء القادة في الولايات الفيدرالية يُعبرون عن مخاوفهم من طرد القوات الإثيوبية، معتبرين أن هذه القوات ضرورية لمواجهة حركة الشباب في ولاياتهم.
وفي سياق متصل، تعاني ولاية بونتلاند في شمال شرق الصومال من تحديات أمنية داخلية، لا سيما مع تصاعد خطر تنظيم الدولة فرع الصومال. هذه الديناميكيات المعقدة تزيد من صعوبة التنسيق الاستخباراتي ومكافحة الإرهاب في البلاد.
رغم عدم وجود ولاية صومالية تستطيع رسمياً أن تُملي على الحكومة الفيدرالية قرار مغادرة القوات الإثيوبية، إلا أن التقرير يؤكد أن الحكومة قد تجد صعوبة في تأكيد سلطتها على الولايات، خاصة في ظل تزايد الشكوك حول علاقة الصومال بمصر.
يُظهر التقرير أن أي دعم عسكري قد تقدمه مصر لمقديشو يمكن أن يُنظر إليه على أنه محاولة لتعزيز سلطة الحكومة الفيدرالية على حساب الحكم الذاتي للولايات الصومالية. ومن المتوقع أن يزيد هذا من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
إذا ما تعقدت الأوضاع أكثر، فقد يُفضي التصعيد إلى اشتباكات بين القوات المصرية والإثيوبية، خاصة في ظل تزايد التوترات حول ميناء بربرة. في حالة تأكيد اتفاق الميناء بين أرض الصومال وإثيوبيا، فمن الممكن أن تشتعل الأوضاع الدبلوماسية بين أديس أبابا ومقديشو.
في ضوء كل هذه التطورات، يشير مركز ستراتفور إلى أن وجود القوات المصرية في الصومال قد يُصعب الأمور أكثر، حيث قد يُنظر إلى ذلك كاستفزاز لإثيوبيا، مما يُنذر بمزيد من الصراعات. إذا استمرت المناوشات، فقد تُسهم في توغل إثيوبيا داخل الأراضي الصومالية، مما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.