انهيار سمعة الاستخبارات الإسرائيلية.. إعادة تقييم بعد إخفاقات 7 أكتوبر
لطالما عُرفت المخابرات الإسرائيلية بأنها واحدة من أقوى وأهم الأجهزة الاستخباراتية في العالم، حيث اكتسبت سمعتها الأسطورية من عملياتها الناجحة وتجاربها المذهلة التي جسدتها السينما الأمريكية. ومع ذلك، تعرضت هذه السمعة لصدمة قوية بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على البلدات الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023. الهجوم، الذي جاء دون أي إنذار مسبق، أثار تساؤلات عميقة حول كفاءة أجهزة الاستخبارات وقدرتها على توفير الأمن الوطني.
تقول مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن الاستخبارات الإسرائيلية كانت تتمتع بثقافة المساءلة عن الأخطاء، ولكن بعد الهجوم، بدا أن هذه الثقافة لم تعد كافية. في سبتمبر 2023، وفي الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973، أعرب هرتزل هاليفي، رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، عن قلقه من الفشل الاستخباراتي الذي أدى إلى إغفال الهجوم المصري الذي بدأ الحرب. رغم الدروس المستفادة من تلك الفترة، جاءت نتائج 7 أكتوبر لتكشف عن إخفاقات جسيمة جديدة.
وفقًا للمجلة، كان اعتقاد الاستخبارات بأن الدول العربية لن تشن حربًا ضد إسرائيل إلا في ظل ظروف محددة قد أدى إلى تجاهل تحذيرات هامة. في حالة الهجوم الأخير، انحصرت تقديرات القيادة الإسرائيلية في أن حماس، رغم خطاباتها العدائية، كانت راضية عن الوضع القائم في غزة. لكن، هذه القراءة للموقف لم تأخذ بعين الاعتبار الاستعدادات العسكرية لحماس، مما ساهم في الفشل الذريع.
قلق استخبارات إسرائيل
الأكثر إثارة للقلق هو أن الأجهزة الاستخباراتية لم تتعامل بجدية مع تحذيرات من مستويات أدنى، حيث قام ضباط من وحدة عسكرية نسائية على الحدود بإرسال إشارات إلى قيادتهم حول نشاطات مشبوهة، لكن لم يتم أخذ هذه التحذيرات بعين الاعتبار. ولم تقتصر مشكلات الاستخبارات على الرصد، بل كانت هناك تقارير عن تجاهل تحذيرات مواطنين محليين، مما يدل على سوء تقدير خطير.
بعد تلك الإخفاقات، كانت هناك محاولات لإعادة بناء سمعة المخابرات الإسرائيلية، خاصة من خلال العمليات العسكرية الناجحة ضد حزب الله. على مدى العامين الماضيين، تمكنت الاستخبارات من تنفيذ عمليات معقدة ضد حزب الله، بما في ذلك اغتيال عدد من قادته وتدمير شحنات الأسلحة عبر سوريا. هذه النجاحات أعادت بعض الثقة إلى جهاز الاستخبارات، ولكن لم يكن هناك اعتراف رسمي بالإخفاقات السابقة.
تستمر الأسئلة حول ما إذا كانت المخابرات الإسرائيلية ستتمكن من تكييف استراتيجياتها لمواجهة التحديات المتزايدة في المنطقة. فالتغيرات الديناميكية في الساحة الأمنية تتطلب تقييمًا مستمرًا وقدرة على التكيف، وهو ما لم يكن كافيًا في الماضي. وفي ظل التوترات المتزايدة، تبقى مخرجات الاستخبارات الإسرائيلية تحت المجهر، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل الأمن القومي الإسرائيلي.