بين النووي والإرث.. صراع «خامنئي» الوجودي
أبرزت صحيفة "نيويورك تايمز" التحديات الكبيرة التي تواجه المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، فيما يتعلق بسعيه للحصول على أسلحة نووية، مشيرةً إلى أن هذه القضية تمثل "معضلة وجودية" بالنسبة له. منذ أن تولى خامنئي السلطة قبل أكثر من 35 عامًا، كانت سنوات حكمه مليئة بالتحديات المعقدة، بدءًا من الإذلال الإقليمي وصولاً إلى الانتفاضات الداخلية، بالإضافة إلى التهديدات المحتملة بالحرب مع إسرائيل.
خامنئي يتكبد خسائر كبيرة
خلال المئة يوم الماضية، تكبد خامنئي خسائر كبيرة. فقد شنت إسرائيل ضربات عسكرية مؤثرة ضد ما يعرف بمحور المقاومة الإيراني، بما في ذلك عمليات اغتيال. كما أن إرسال الولايات المتحدة لقاذفات شبح من طراز B-2، القادرة على تدمير المواقع العسكرية الإيرانية، يعد بمثابة إنذار لطهران بشأن مواقعها النووية.
حتى الآن، حافظت إيران على استراتيجية تُعرف بالغموض النووي، تهدف إلى تطوير قدراتها النووية دون مواجهة العقوبات الاقتصادية القاسية. رغم أن المسؤولين الإيرانيين أكدوا أن خامنئي أصدر فتوى تحرّم الأسلحة النووية، إلا أنهم يقرّون الآن بقدرتهم على بناء مثل هذه الأسلحة إذا قرروا ذلك، وهو ما يعكس تقييمات المخابرات الأمريكية.
تشير التقديرات إلى أن التكلفة الإجمالية للبرنامج النووي الإيراني يمكن أن تُقاس بمئات المليارات من الدولارات، على الرغم من أن البرنامج النووي يساهم فقط بنسبة 1% من احتياجات إيران للطاقة. ومع ذلك، كان للبرنامج دورٌ بارز في صرف الانتباه عن تطوير الصواريخ والطائرات دون طيار، بالإضافة إلى تعزيز نفوذ إيران في المنطقة.
توجد أيضًا عواقب داخلية محتملة لامتلاك الأسلحة النووية. يعتمد جزء كبير من قوة خامنئي على سلطته في اتخاذ القرار النهائي بشأن عبور العتبة النووية. إذا تجاوز هذه العتبة، قد يُخاطر بنقل السلطة إلى الحرس الثوري الإسلامي، الذي من المرجح أن يشرف على الترسانة النووية ورموز الإطلاق.
في هذا السياق، يجب أن يدرك خامنئي أن العديد من الزعماء المستبدين يعرفون جاذبية الأسلحة النووية لتعزيز قوتهم، لكنهم غالبًا ما يترددون في السعي نحوها، خشية أن يؤدي ذلك إلى تمكين جيوشهم وتقويض سلطتهم.
يتعامل خامنئي الآن مع وضع معقد من صنع يديه. فقد حكم البلاد منذ عام 1989، وواجه في الوقت الراهن معركة عسكرية ومالية ونفسية شاقة ضد أمريكا وإسرائيل، بينما تتلاشى قدراته العقلية وطاقته.
التردد في الرد على استفزازات الخصوم قد يقود إلى تقليص سلطته بشكل أكبر، بينما الرد القوي قد يعرض بقاءه للخطر. مع تجاوز هذه التحديات، تزداد الضغوط لإجراء مناقشات حول خلافة خامنئي، مما يثير تساؤلات هامة حول مستقبل إيران واستقرارها في السنوات المقبلة.
في هذا الفصل الأخير من حياته، يتعين على خامنئي التعامل ليس فقط مع إرثه، ولكن أيضًا مع المصير الوجودي للنظام الذي قاده لعقود.