ما أهمية لقاء السيسي ونظيره الإيراني مرتين في أقل من 12 شهرًا؟
قال الدكتور محمد محسن أبو النور، الخبير الدولي في الشؤون الإيرانية، إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الإيراني التقيا للمرة الثانية في أقل من عام واحد للمرة الأولى في التاريخ.
وأضاف «أبو النور» في منشورٍ له عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: شهدت العلاقات المصرية الإيرانية قمة تاريخية يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 بين رئيسي البلدين على هامش اجتماعات بريكس في روسيا، سيتم التأريخ بها لما بعدها وما قبلها في العلاقات المصرية ــ الإيرانية.
وحدد أن تلك القمة تستمد أهميتها التاريخية البالغة من عدة اعتبارات أساسية يمكن تلخيصها في 8 نقاط، تمثلت في:
1ــ أنها القمة الثانية في أقل من 12 شهرا بين رئيس مصري ورئيسين إيرانيين وهي المرة الأولى في التاريخ التي تسجل مثل هذا الحدث النادر، إذ التقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على هامش القمة العربية ــ الإسلامية في الرياض يوم السبت 11 نوفمبر 2023م، ثم التقي يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 بالرئيس المنتخب مسعود بزشكيان بعد وفاة رئيسي في حادث تحطم طائرته الرئاسية يوم 19 مايو 2024.
2ــ الأهمية البالغة لمصر وإيران باعتبارهما قوتان إقليميتان راسختان في جغرافيا الشرق الأوسط، وهما من أهم موازين الاستقرار والسلم والأمن الإقليمي لاسيما وأن المنطقة تمر بواحدة من أخطر مراحلها الإقليمية على الإطلاق في ظل اتساع نطاق المعارك الإقليمية بين إسرائيل وأكثر من دولة عربية وإسلامية.
3ــ التقدير الكبير الذي تحظى به مصر في التصور الإيراني والأهمية التي تتمتع بها إيران في التصور المصري، وبالتالي لدى الدولتان قناعة حقيقية بأنه لا يمكن إقامة الحرب أو إقرار السلام بدون توافق مصري ــ إيراني في الملفات ذات الصلة، مع التأكيد على حرص القيادة الإيرانية الراهنة على استثمار اتساع الأفق للعقلية الجيوستراتيجية التي تتمتع بها القيادة المصرية منذ 2014.
4ـ الملفات الحساسة التي تهم الدولتين الكبيرتين وهي ملفات غزة وطوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي الإجرامي على المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والدور المحوري لمصر في ملف الصراع العربي ــ الإسرائيلي على طول التاريخ الحديث والمعاصر بل وفي الظرف الراهن أيضا حيث تمر العلاقات المصرية ــ الإسرائيلية بواحدة من أكثر الفترات توترا بين البلدين منذ توقيع اتفاقية السلام في كامب ديفيد عام 1978.
5ــ العدوان الإسرائيلي على لبنان واغتيال قادة حزب الله والهجوم الإسرائيلي على قوات حفظ السلام الأممية اليونيفيل في جنوبي لبنان والخرق الإسرائيلي للقرار الأممي 1701 والرغبة المصرية ــ الإيرانية في وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، ومن المؤكد أن مثل تلك القمة تخصم من رصيد خصوم الدولتين في المحيطين الإقليمي والعالمي.
6ــ أمن البحر الأحمر وتأمين ممرات الملاحة من وإلى قناة السويس التي خسرت نحو نصف دخلها السنوي بعد الهجوم الحوثي المتكرر على السفن الإسرائيلية في جنوبي البحر الأحمر والرغبة المصرية والإيرانية في الوصول إلى نقاط توافق حول ضرورة التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في مجمل ساحات الصراع بالشرق الأوسط ومنها الجبهة اليمنية.
7ــ العلاقات المصرية ــ الإيرانية على المستوى الثنائي حيث ترغب كل من الدولتين في إعادة العلاقات المقطوعة بينهما لكن مع استكشاف المزيد من فرص التقارب وتبديد نقاط الخلاف والتنسيق بين القاهرة وطهران في الملفات الدولية الكبرى وعلى رأسها عضوية البلدين في تجمع بريكس وقد شارك الرئيسان المصري والإيراني في قمة قازان الروسية من أجل هذا الغرض.
8ــ الصراع الحربي المحتدم بين تل أبيب وطهران في ظل احتمالات قيام إسرائيل بحملة عسكرية عدوانية تخريبية على إيران ردا على عملية الوعد الصادق الثانية التي انطلقت من إيران مساء الأول من أكتوبر 2024 حيث أمطرت قوات الجو فضاء الإيرانية سماء إسرائيل بنحو 200 صاروخ باليستي، ما يعني أن طهران تأمل في استخلاص موقف مصري مؤيد لخطها السياسي والعسكري في ما يتعلق بحربها ضد إسرائيل وتصديها لأي عدوان محتمل من دولة الاحتلال.