أزمة الثقة في حكومة ألمانيا.. صراع داخلي وتهديدات بالتمرد
وسط أجواء سياسية مضطربة، وفي خضم فوضى الانتخابات المبكرة في ألمانيا، يجد المستشار الألماني أولاف شولتز نفسه في مواجهة أزمة حادة على جبهات متعددة. وعلى الرغم من محاولاته لطرح الثقة في حكومته، إلا أن تطورات جديدة قد تعمق من أزمة القيادة التي يواجهها، سواء داخل حزبه أو مع المعارضة.
إقالة وزير المالية وتصاعد الخلافات
شهدت الأيام القليلة الماضية إعلان شولتز عن إقالة وزير المالية كريستيان ليدنر، ما دفع بحزب "الحرية الديمقراطي" إلى الانسحاب من الائتلاف الحاكم. هذا القرار جاء ليزيد من تعقيد الوضع السياسي في البلاد ويضع الانتخابات المبكرة على الطاولة بشكل جاد. من جهتها، طالبت المعارضة بإجراء التصويت على الثقة في المستشار الألماني في وقت أقرب، وهو ما يبدو أنه سيحدث في الأسبوع الذي يسبق أعياد الميلاد في ديسمبر المقبل، في محاولة لإضفاء مزيد من الضغط على الحكومة. ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات في فبراير أو مارس 2025.
استطلاعات الرأي تعكس أزمة شعبية
الضغوط على شولتز تتزايد داخل حزبه الاشتراكي الديمقراطي، الذي يواجه تراجعًا كبيرًا في استطلاعات الرأي. ففي أحدث استطلاع نشرته مؤسسة "إنسا"، جاء الحزب في المرتبة الثالثة بنسبة 15.5% من نوايا التصويت، ما يشير إلى تراجع كبير في الشعبية مقارنة بالفترات السابقة. هذا التراجع أثار حالة من القلق داخل الحزب، حيث بات كثيرون يشعرون أن شولتز قد يخسر الانتخابات المقبلة بأغلبية ساحقة.
تمرد داخلي: الدعوة إلى تغيير القيادة
التوترات داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي بدأت تأخذ طابعًا علنيًا، حيث دعا نائبان بارلمانيان من الحزب، ماركوس شرايبر وتيم ستوبروك، شولتز إلى عدم الترشح مرة أخرى لمنصب المستشار، مؤكدين أن الفرصة قد تكون سانحة أمام الحزب للاحتفاظ بالحكم إذا تم تغيير القيادة. ورأى السياسيان أن شولتز على الرغم من كفاءته، إلا أنه فشل في "إيصال قوته كقائد للشعب الألماني"، وهو ما أسهم في تراجع دعم الحزب في استطلاعات الرأي.
من هو البديل؟
مع تزايد الدعوات لاستبدال شولتز، يتوجه الأنظار إلى وزير الدفاع بوريس بيستوريوس كبديل محتمل. تشير استطلاعات الرأي إلى أن بيستوريوس يحظى بشعبية واسعة في ألمانيا، حيث يحتل المرتبة الأولى بين السياسيين من حيث التأييد الشعبي، في حين يأتي شولتز في المركز الـ19، ما يعكس الفجوة الكبيرة بين القياديين في الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
بعض الخبراء السياسيين يرون أن ترشيح بيستوريوس قد يمثل "بصيصًا من الأمل" للحزب الاشتراكي الديمقراطي، في وقت باتت فيه فرص شولتز تبدو ضئيلة للغاية. وفيما يعلق البعض آمالًا على بيستوريوس لتعزيز فرص الحزب في الانتخابات، يؤكد خبراء آخرون أن شولتز "محروق" على المستوى الوطني والدولي، ما يعقد فرصه في حشد الدعم الشعبي.
بيستوريوس يلتزم الصمت
حتى الآن، رفض وزير الدفاع بيستوريوس الانخراط في الجدل القائم، حيث أكّد في تصريحات صحفية أنه "لا يرى أي شخص في الحزب يريد تغيير المستشار الحالي"، مشيرًا إلى أن شولتز هو المرشح الرسمي للحزب، وهو ما يعكس حرصه على الحفاظ على وحدة الحزب في وقت حساس.
هل نشهد تحولًا كبيرًا في ألمانيا؟
مع تزايد الضغوط على شولتز، وتراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، قد تشهد ألمانيا تحولًا في المشهد السياسي، يتمثل في تغيير القيادة داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وربما التوجه نحو ترشيح بيستوريوس لمنافسة المستشارية. ولكن، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة الحالية من تجاوز هذه الأزمة الداخلية، أم ستدخل ألمانيا في مرحلة من الفوضى السياسية التي قد تؤثر على استقرارها؟